والثاني: أن هذا الاحتمال لا يؤمن مثله في شهادة الفاسق وترك التراءي وإذا لم ير مع الصحو، وقد يرى في مكان آخر.
فلو كان مجرد الاحتمال موجبا للصوم لوجب الصوم مطلقا، وقد سبق العذر عن اليوم الأخير.
قلنا: أما المطالبة فقد سبق جوابها.
قولهم: ((مصلحة الصوم تحصل في كل زمان)). قلنا: هذا غلط، لأنها لو حصلت في كل زمان لم يكن لإيجابها على الفور في هذا الزمان مزية، فلا بد لتخصيصها من مرجح علمناه أو جهلناه.
قولهم: ((الفورية صفة زائدة على الوجوب))، قلنا: متى أمكن أن يكون واجبا أمكنت الفورية، ونحن نحاذر من الفوات الممكن الذي لا يستدرك، ولهذا يجب إمساك جزء من الليل.
قولهم: ((هناك تحققنا الوجوب)). قلنا: ونحن نتحقق الوجوب في اليوم الثاني، ونشك في هذا اليوم: هل هو من رمضان أم لا؟. فإذا كنا نوجب ما ليس بصوم ليتحقق الصوم، فلم لا نوجب ما يجوز أن يكون صوما واجبا؟!، لأن هذا مراعاة للشيء، وتلك مراعاة لغيره.
قولهم: ((لو وجب هاهنا الاحتياط لوجب مع الصحو)). جوابه من وجهين:
أحدهما: أن الهلال مع الصحو لو كان موجودا لرؤي، لأن محله يمكن اتصال النظر به، والدواعي متوفرة على النظر.
والثاني: نقدر وجوده إلا أن الشرع أوجب الصوم مع الصحو بشرط رؤية الهلال لا بوجوده، فأما مع الغيم فله حكم آخر بدليل آخر الشهر.
مخ ۸۵