ولو شك أن الله تعالى افترض الصلوات الخمس أو جهل فرضها ، أو جهل أن الله تعالى أمر بها ، أو أنها طاعة لله - عز وجل - لما أشرك في شيء من هذا بجهله إياه وشكه فيه ، حتى يتعدى الشرك إلى الموت .
وقد وقع بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شريعته شبه النسخ وفي أحكام نصوص القرآن والسنة المتفق عليها بإجماع الأمة بعد رسول الله عليه السلام النسخ ، أو الاستثناء إن كان كبر عليكم التخصيص بل مصادمة المنصوص لعلل ومعان طرأت ، فأجازوها وأمضوها ولم يشكوا بعد تركها حكم المنصوص ، وهي السنن التي أحدثها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في ذوي القربى والمؤلفة قلوبهم ، والفيء وعتق أمهات الأولاد على مواليهم ، وإسقاط الجزية والذل والصغار عن نصارى بني تغلب ، ورد أراضي الفيء مشاعا لجميع المسلمين شركاء أهله الذين غنموه .
وقد تقدم سنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قسمة خيبر على قسمة الغنائم ، فلم يشرك من فعل هذا بل ساغ له فعله ، فكيف يشرك في جوازه ، بل من جهل موت محمد عليه السلام .
ويشرك أيضا من جهل موت عمر بن الخطاب بأن النسخ جائز له ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( إنكم في زمان التارك لعشر ما آمر به هالك ، وسيأتي على الناس زمان العامل بعشر ما آمر به ناج )) . والله أعلم .
وقد وردت عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أخبار المهدي أنه يكون في آخر الزمان ، كادت أخباره أن تكون ضرورية ، وأنه يملأ الأرض عدلا وقسطا بعد إذ ملئت ظلما وجورا .
وفي التسمية أعظم درجة من التسمية بالهادي ، كظهور فضيلة عمار بن ياسر ، لقول رسول الله عليه السلام : (( إن الحق ليزال ما زال عمار )) . ولم يقل أن عمار هو الذي يتبع الحق بل الحق في أثر عمار .
وقد ساغت لعمر بن الخطاب أمور كثيرة ، أفلا يسوغ للمهدي مثلها ، أو أعظم منها .
وجاهل النسخ لا يشرك فيشرك بجهل السبب الذي ربما كان مؤديا إلى المسبب أو غير مؤد .
مخ ۳۰