واختلاف قوى كل نفس فمعروف غير منكر ، منها التوهم (1) والفكر ، وغيرهما من التذكر والخطر (2).
وقوى كل نفس فمتممة لها ، لا يمكن أن تزايلها ، لأنها (3) إن زايلتها قوة من قواها المتممة لكونها ، وما وصفناه من محدود كمال شئونها ، كان في ذلك من زواله زوالها ، وزال عن النفس بزواله عنها كمالها ، وفنيت النفس بفنائه ، ولم تبق النفس بعد بلائه.
ألا ترى أن قوى النفس المتممة لكونها ، ومحدود كمال شئونها ، كحر الشمس ونورها ، وغيرهما مما لا قوام للشمس دونه من أمورها ، وكذلك قوى النار في إحراقها وحرها ، كقوى النفس في توهمها وذكرها ، فإن فني حر الشمس أو نورها فنيت ، وإن بلي إسخان النار أو إحراقها بليت ، وكذلك النفس إن زايلها ، ما جعله الله من القوى لها ، فزال فكرها عنها ، أو فني توهمها منها ، فنيت بفنائه ، وبليت مع بلائه.
وفي ذلك ، إذا كان كذلك ، دليل مبين ، وعلم ثابت صحيح يقين ، أن (4) النفس كثيرة عددا ، وأنها ليست شيئا واحدا ، فكل نفس فغير واحدة ، ولكنها كثيرة ذات عدة (5)، والله تبارك وتعالى فواحد فرد ، وقوته فمفردة ليس لها حد ، ومن لم يكن واحدا فردا ، ونهاية في الدرك صمدا ، كان متحادا معدودا ، وأشتاتا متناهيا محدودا.
والباب الثالث : من دركه سبحانه بمخائل الأوهام ، ففاسد لتشبيهه فيه (6) بمتوهم مخايل الأجسام.
والباب الرابع : من دركه سبحانه بالظن فقد يمكن ويكون ، إذ كانت قد تخطئ وتصيب الظنون.
مخ ۲۰۰