أحدهما : معرفة الحق في نفسه ونعته ، وما أبانه الله به من ضياء بينته.
والآخر : معرفة ما خالفه من الباطل ، والبراءة إلى الله من جهل كل جاهل ، فاعرفهما جميعا تعرف الحق وتوقنه ، وتعرف قبح كل أمر كان أو يكون وحسنه ، ولا تغتر بهما جاهلا (1)، ولا تكن لواحد منهما معطلا ، فتجهل بعض الحق أو تعطله ، ولا يؤمن أن ترتكب بعض الباطل أو تفعله ، ومتى لا تعرف الباطل لا تتبرأ من أهله ، ومن لا يتبرأ من المبطل حل من السخط في محله ، ومتى تجهل بعض الحق ، لا تؤمن من (2) البراءة من المحق ، ومن تبرأ من المحقين تبرأ الله منه ، ومن أعرض عنه المحقون سخطا أعرض الله عنه ، والمحقون من خلق الله فهم المؤمنون ، والمؤمنون فهم البررة الرحماء المتحابون ، والمتحابون فهم المحبون في الله لمن أحبهم وتولاهم ، والمعاندون لمن حاد الله ربهم ومولاهم.
فاسمع يا بني لما ذكر الله في ذلك سبحانه عنهم ، وعرف أولياءه في ذلك منهم ، إذ يقول لا شريك له : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) (71) [التوبة : 71]. ويقول سبحانه : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) (22) [المجادلة : 22]. ومحادة الله تبارك وتعالى في حدوده ، خلاف المخالفين فيما حدد من أمره وعهوده ، فالله يقول سبحانه : ( لا تجد ) وهم يقولون : بلى هم كثير موجودون ، والله يشهد سبحانه ومن قبل وحيه على خلاف ما عليه يشهدون. وما في كتاب الله من بيان خلافهم ، وشهادته بغير أوصافهم ، فكثير بمن الله جم ، يخص من بيان الله فيه ويعم.
مخ ۲۴۵