يزال متحيرا في الأمور خباطا ، ومقصرا في حقائق العلوم أو مفراطا (1)، لا يقر به قرار علم فيسكن ، ولا يذل لمحق في حجته (2) فيذعن ، ولا يزال مفتريا على المحقين كذبا ، ومدعيا من الباطل دعوى عجابا ، ليس لها من الله سبحانه تصديق ، ولا يشهد لها في الألباب من برهان تحقيق ، وإن كانت في نفس مدعيها ذات حقيقة وبرهان ، فإنها في حقائق الأمور كسراب القيعان ، كما قال الله سبحانه : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب (39) أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) (40) [النور : 39 40]. انظر كيف يمثله لإغفاله ، فيما يراه حقا من باطله بأمثاله ، من ذوي الظمإ ، وبمن ينظر في الظلماء ، فلا يرى يده ولا يكاد ، فكيف يقود أو ينقاد له في الظلماء منقاد ، إلا أن يكون مثله عميا ، لا يرى لعمى قلبه شيا ، فهو ينقاد في ظلمة وعشوى ، لمن لا يبصر ولا يرى ، ولمن آثر الضلالة على الهدى ، فهو متورط في ورطات الردى ، يركب بعضه في كل هوة بعضا ، رافض لكل حقيقة (3) علم رفضا ، لا يسمع لكتاب الله به نداء ، ولا يقبل من الله فيه هدى ، مخبة (4) به في خبوت الضلال ركائبه ، عظيمة عليه في هلكة الدين والدنيا مصائبه ، غير متحفظ من هلكاته بحفظ ، ولا متعظ من عظات الله بوعظ ، غلق (5) بين إطباق خطيئاته ، غرق في بحور عماياته ، لما عطل من يقين علم الكتاب ، ورضي من صحبته بشكوك الارتياب (6)، فبالله يا بني : فعذ من موالاته ، والرضى بما
مخ ۲۳۹