عن الايمان بالحق منقلب ، وذلك إذ لم يؤمنوا به أول مرة ، وكانوا به إذ سمعوه عند الله من الكفرة ، ألم تسمع إلى قوله سبحانه : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون (110) * ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) (111) [الأنعام : 110 111]. فقوله سبحانه ( يشاء ) إنما هو خبر عن قدرته عليهم ، وقوة سلطانه تبارك وتعالى فيهم ، ولو أنه شاء لمنعهم من المعصية فكانوا (1) به مؤمنين ، إذ كان الإيمان عندنا إنما هو أمان من عصيان العاصين ، ومن منعه الله من المعصية جبرا فمأمون عصيانه ، وإذن كان الاحسان في ذلك المنع إحسان الله لا إحسانه ، وكان فيما منع منه من المعصية غير مطيع لله ، ولا مستوجب لثواب من الله ، إذ منع من المعصية بجبر ، وحمل على الإيمان منه (2) بقسر.
[أول الواجبات معرفة الله]
فابتدئ يا بني في طلب فعل الصالحات ، واكتساب الخيرات ، إذا ابتدأت بطلب اليقين بالله ، وحقيقة العلم لله ، فإنك إن تفعل اهتديت لكل بركة وخير ، وظفرت بالحظ الكبير ، وأمنت بإذن الله من العمى ، ورويت بمعرفة الله من الظماء ، وشاركت الملائكة المقربين في عبادتهم ، وازددت مما يمكنك من فعل كل خير مثل زيادتهم (3)، وأنسك يقينك (4) بالله من كل وحشة مرعبة ، واكتفيت بصحبة الله من كل صاحب وصاحبة ، وخف عليك من عبادة الله عبء الأثقال ، فكنت إماما للصالحين في صالح الأعمال ، فدانت (5) بالبر أعمالك ، وصدق قولك في الخير فعالك ،
مخ ۲۳۶