كان بكم رحيما (29) ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا (30)) [النساء : 29 30].
ويقول سبحانه : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا (29)) [الكهف : 29]. وعدا من الله ووعيدا ، وجزاء من الله للفريقين عتيدا ، لا تكون الآخرة أبدا إلا وهو معها ، ومن أنكره ودفعه أنكر الآخرة اضطرارا ودفعها ، وله جعلت الآخرة وثبتت ، وثبت باقيا معها أبدا ما بقيت ، ولو أمكن فناؤه لأمكن فناؤها ، وما بقيت الآخرة بقي معها جزاؤها ، فبقاء كل بكل معقود ، وكل من الله فوعد موعود ، لا يدخله أبدا كذب ولا خلف ، ولا يزول من أوصاف الله فيه بصدق الوعد وصف.
ولا أكفر بالآخرة وأمرها ، وما ذكر الله من بعث الأمم وحشرها ، ممن زعم أن الله يحكم يومئذ فيها بغير العدل ، فيقضي (1) بين أهلها فيها بغير قضاء الفصل ، فيعذب من عذب فيها ، بأمور هو حمل المعذب عليها ، حتى لم يجد من ارتكابها بدا ، ولا عما ارتكب منها مصدا ، وإن عمل (2) ما شاء الله فيها وارتضى ، وحكم الله به منها وقضى ، عذب بألوان العذاب ، وعوقب (3) بأشد العقاب.
فوصفوا الله بإخلاف الميعاد ، ونسبوا إليه ما تبرأ منه من ظلم العباد ، فقال : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما (40)) [النساء : 40]. وقال : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (44)) [يونس : 44]. وقال تبارك وتعالى : ( وما أنا بظلام للعبيد ) [ق : 16]. وقال سبحانه فيما قالوا به عليه من إخلافه في الوعد والوعيد : ( وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا ) [النساء : 122]. وقال سبحانه : ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله
مخ ۲۳۴