عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرونه
استغفر لي يا رسول الله، فقال: فكيف بلا إله إلا الله مرارا، فقال أسامة «1»: فوددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ «2»، فقال تعالى (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) بالألف بمعنى التحية وبغير الألف «3»، أي الانقياد بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله (لست مؤمنا) إنما تقول ذلك لحفظ مالك ونفسك، المعنى: إذا رأيتم أمارة ظاهرة على إسلام شخص فلا تقتلوه ولا تقولوا له لست بمسلم (تبتغون) أي تطلبون (عرض الحياة الدنيا) من الغنيمة، والجملة في محل النصب على الحال من فاعل «لا تقولوا» (فعند الله مغانم كثيرة) لا تحصى من الأجر والفضل، ثم ذكرهم أنعامه عليهم قبل الهجرة بقوله (كذلك) أي كهذا الرجل (كنتم من قبل) أي قبل هجرتكم، يعني أول ما دخلتم في الإسلام سمعت منكم كلمة الشهادة فحصنت نفسكم وأموالكم بسببها من غير انتظار الاطلاع على ما في قلوبكم (فمن الله عليكم) بالاستقامة وإظهار الإسلام والتقدم به فصرتم أعلاما في الدين، فافعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل بكم، ثم كرر قوله (فتبينوا) أي تعرفوا حال خصمكم مخافة أن تقتلوا مؤمنا خطأ للتأكيد والزجر عن الإقدام على القتل من غير تحقيق (إن الله كان بما تعملون خبيرا) [94] أي عالما فلا تقدموا على القتل في الجهاد إلا بعد التحقيق.
[سورة النساء (4): آية 95]
لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (95)
قال زيد بن ثابت نزل قوله (لا يستوي القاعدون) عن الجهاد في بدر أو في تبوك حين كنت إلى جنب رسول الله عليه السلام فغشيته السكينة من الوحي فوقعت فخذه على فخذي حتى خشيت أن ترضها، أي تكسرها، ثم سري عنه، فقال: اكتب، فكتبت في كتف «لا يستوي القاعدون» «4» (من المؤمنين) حال من «القاعدين»، فسمع ذلك ابن أم مكتوم وكان أعمى، فقال: يا رسول الله لو استطعت الجهاد لجاهدت فنزل «5» (غير أولي الضرر) أي أصحاب المرض وكل عاهة من عمى وزمن وغيرهما، بنصب «غير» استثناء من «القاعدين» أو حالا منهم وبرفعه «6» صفة ل «القاعدين» وهو من قبيل الاكتفاء، لأن تقدير الآية: لا يستوي القاعدون أولو الضرر وغير أولي الضرر (والمجاهدون في سبيل الله) في الأجر والثواب، وهو عطف على «القاعدين»، قوله (بأموالهم وأنفسهم) يتعلق ب «المجاهدين» ونفى التساوى بين المجاهدين والقاعدين بغير عذر وإن كان معلوما ليس إلا للتوبيخ للقاعد عن الجهاد ولتحريكه عليه ولذا قيده بقوله «غير أولي الضرر» صريجا، قوله (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم) جملة مستأنفة توضح نفي التساوى بين القاعدين مطلقا، أي بعذر وبغير عذر، والمجاهدين كأنه جواب سؤال مقدر، وهو ما لهم لا يستوون، فقيل بالتفصيل بعد الإجمال: فضل الله المجاهدين بالأموال والأنفس (على القاعدين) بعذر (درجة) مصدر، أي تفضيلا واحدا أو حال، أي ذوي درجة في الآخرة، ثم أشار إلى منته على الفريقين بقوله (وكلا) أي وكل فريق من القاعدين والمجاهدين (وعد الله الحسنى) أي المثوبة الفضلى وهي الجنة وإن كان المجاهدون مفضلين على القاعدين درجة، فقوله «كلا» أول المفعولين ل «وعد»، وثانيهما «الحسنى» (وفضل الله المجاهدين على
مخ ۲۳۲