212

عیون التفاسیر للفضلاء السماسیر للسیواسی

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

ژانرونه

[سورة النساء (4): آية 93]

ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (93)

قوله (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) نزل في شأن رجل قتل مؤمنا متعمدا، ثم ارتد عن الاسلام، وهو مقيس بن ضبابة، قتل رجلا من بني فهر، وكان رسول رسول الله عليه السلام بعثه مع مقيس إلى بني النجار الذين قتل فيهم أخو مقيس، وأمره بأن يقول لهم اطلبوا قاتل أخي مقيس، فان وجدوا قتلوه وإن لم يجدوه حلفوا خمسين يمينا وغرموا الدية، فلما أتاهم ذلك الرسول ومقيس إليهم، قالوا: ما نعرف قاتله فحلفوا وغرموا الدية لمقيس، فلما رجع مقيس مع مائة من الإبل قال في نفسه لحمية الجاهلية: اقتل هذا الفهري مكان أخي، ويكون الدية فضلة لي، فقتله وتوجه إلى مكة «1»، فقال تعالى من يقتل مؤمنا قاصدا قتله مع علمه بايمانه (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) أي لابثا زمانا طويلا يعذب فيها إن شاء الله تعذيبه، وقيل: أبدا إن استحل قتله، لأنه يكفر باستحلاله «2»، ثم اختلفوا في توبة القاتل عمدا، الأكثر على أنها تقبل «3» لقوله تعالى بعد ذكر الشرك والقتل والزنا «إلا من تاب وآمن» إلى قوله فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات «4» (وغضب الله عليه) بأن يقتل به قصاصا في الدنيا (ولعنه) أي طرده من رحمته في الآخرة (وأعد له عذابا عظيما ) [93] سوى خلوده في النار، وحكي عن سفيان الثوري أنه قال كان أهل العلم، إذا سئلوا عن قاتل العمد قالوا:

لا توبة له، وذلك محمول على التغليظ والتشديد اقتداء برسول الله عليه السلام فيه، وإلا فكل ذنب ممحو بالتوبة «5»، قال صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل أمرئ مسلم» «6»، وقال أيضا: «إن هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه» «7»، وقال أيضا: «من أعان على قتل مؤمن- ولو «8» - بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» «9».

[سورة النساء (4): آية 94]

يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا (94)

قوله (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم) أي سافرتم (في سبيل الله) أي في الجهاد (فتبينوا) من البيان، أي اطلبوا بيان من تقتلونه «10» في الحرب قبل القتل، يعني قفوا حتى تعرفوا حاله أمسلم أو كافر، وقرئ «فتثبتوا» «11» من الثبات، أي لا تعجلوا في أمره حتى يظهر لكم الكافر من المسلم، نزل في أسامة بن زيد حين بعث في سرية للغزو، فسمع رجلا، يقال له مرداس، يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، السلام عليكم أني مؤمن، فقتله أسامة، وساق غنمه ورجع إلى النبي عليه السلام فأخبره «12» حاله، فوجد عليه السلام وجدا شديدا، فقال:

أقتلت رجلا يقول لا إله إلا الله؟ فقال أسامة: قاله بلسانه دون قلبه، فقال عليه السلام: أشققت قلبه؟ فقال:

مخ ۲۳۱