قررت معركة الريدانية عام 1517م مصير دولة المماليك في مصر كما قررت معركة مرج دابق من قبل مصير دولتهم في الشام فخضعت مصر والشام منذ ذلك الوقت للعثمانيين بل لقد قرر خضوع مصر للحكم العثماني مصير الخلافة الإسلامية نفسها فلم يلبث المشرق العربي أن انتقل إلى الإمبراطورية العثمانية وانتقلت الخلافة الإسلامية إلى آل عثمان سواء أحدث تنازل عن الخلافة من الخليفة العباسي المتوكل على الله الذي كان يقيم في مصر للسلطان سليم الأول أم لم يحدد وأصبح سلاطين العثمانيين زعماء العالم الإسلامي وورثوا بذلك مركز سلاطين المماليك في مصر (¬1) ورغم زوال السلطنة المملوكية بقي المماليك يسيطرون على مرافق الحياة في مصر بشكل خاص وبقيت للوالي العثماني سلطة محدودة حتى قيام مذبحة القلعة للمماليك في عام 1811م على يد محمد علي باشا وبذلك نطلق على الحقبة ما بين الاحتلال والمذبحة بالعهد العثماني المملوكي (¬2) رغم أن مصر فقدت نتيجة الاحتلال العثماني مركزها البارز في العالم الإسلامي إلا أنها مع ذلك بقيت من أهم ولايات الدولة العثمانية في المشرق العربي وفضلا عن ذلك كان السلاطين العثمانيون يعدون مصر الولاية الثانية في الدولة بعد ولاية المجر ولذا كانوا يختارون لها نظرا لأهمية مركزها ولاة أو باشاوات ممن تقلبوا في مناصب رئيسة في حكم الأقاليم أو في البلاط العثماني والواقع أن أهمية مصر في العهد العثماني كانت تأتي من ناحيتين الأولى: موقعها الجغرافي المتوسط بين الولايات العربية في المشرق العربي من ناحية وأوجقات المغرب العربي ((طرابلس الغرب وتونس والجزائر)) من ناحية أخرى وقد أدى هذا الموقع إلى أن مصر أصبحت مركزا لقوافل الحج الوافدة من بلاد المغرب وهذه الحقيقة تفسر أهمية قافلة الحج المصري بالنسبة لقوافل الحج الإسلامي في ذلك العصر حيث كانت تأتي في المرتبة الثانية بعد قافلة الحج الشامي.
الثانية: اعتماد الدولة العثمانية عليها إلى حد ما في تطبيق اتجاهات السياسة العثمانية في البحر الأحمر بصفة عامة وفي الحجاز بصفة خاصة لأن الكثير من الأوقاف المصرية كانت محبوسة على الحرمين الشريفين كما كانت السلطة العثمانية تتخذ من قافلة الحج المصري وسيلة لتنفيذ سياستها في الحجاز (¬3).
مخ ۷۴