قلت: واعلم أن هذا التأويل منقول عن ابن حجر تلقفه السيد محمد، ولعل غير ابن حجر قد تقدمه فانظر لهذه الحماقة والتعسف البين كيف قيدوا الخبر بأن الخوارج غير منافقين وجعلوا أنفسهم مشرعين يقيدون الأخبار النبوية بآرائهم فافتعلوا في الصلاة وغيرها من شرائع الحكيم، سبحانك هذا بهتان عظيم.
[ابن الوزير] قال رحمه الله : وقد أحسن الشعبي رحمه الله بقوله: حدثناهم بغضب أصحاب محمد فاتخذوه دينا؛ فإنه يحتمل صدور مثل ذلك عند الغضب بأدنى شبهة، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ((اللهم إني بشر آسف كما يأسف بنو آدم فمن دعوت عليه أو سببته وليس لذلك بأهل فاجعلها له رحمة وزكاة)) أو كما ورد، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف غيره؟! ..الخ.
[المؤلف] أقول: أما كلام الشعبي فمن مروياتهم وليس حجة علينا مع أن حذيفة ليس كغيره من بقية الصحابة ولا أظن الشعبي قصد بكلامه حذيفة.
وأما خبر النبي صلى الله عليه وآله فكان يجب عليه ذكر سنده؛ لأن المخالف يطعن في صحيحه هذا، بل هذا عين النزاع بينهما لكن الإمام رحمه الله وإن كان واحد زمانه فغيره أبصر بالجدل منه اللهم إلا أن يكون سلب بعض الفهم لتعسفه أو أصابته دعوة جده صلى الله عليه وآله، على أنه لو صح لوجب أن لا يقر على شيء مما أخطأ {إن هو إلا وحي يوحى}[النجم:4] فما بال هذه الاعتذارات التي تكاد أن تكيدنا عن الإسلام والقواعد المقررة في الأصول التي أجمع عليها الأعلام.
ثانيا: لا يخلو إما أن نتبعه صلى الله عليه وآله فيما سمعنا منه أم لا، إن كان الأول وجب ألا يقر علي على الخطأ، والثاني لزمنا الخطأ وتعليق آيات وجوب الاتباع فتعين معارضة الخبر للآية مع أنهم لا زالوا يلهجون بهذا الخبر عند كل خبر يقتضي ثلب الفاسقين كمروان الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون بالنص النبوي، فقد قيل: إن ابن حجر جعل بدل هذا اللعن على عدده زكاة.
مخ ۷۷