هذا وقد ذكر الإمام في (تنقيح الأنظار) بعد حكايته لكلام زين الدين في المسألة الخامسة ما لفظه: هذا الذي رجع إليه أهل الحديث هو بعينه الذي بدأ به أهل البيت" وهو قبول المراسيل من العدول والثقات الأمناء ولكن لا بد من تقييد المراسيل بما تقدم في بابها. انتهى.
وقال عند الكلام على المرسل المقبول: وهو ما نص على صحته ثقة عارف بهذا الشأن...الخ.
أقول: قرر رحمه الله هذا الجواب وهو غير مطابق لقواعد أهل نحلته ولكن قد أنصف القارة من راماها.
أما شرح القاضي زيد فهو منتزع من شرح أبي العباس للأحكام وغيره من كتب السيدين وشرطهما معروف ليس كما ذكر عنهما، و(أصول الأحكام) أخبارها أخبار (شرح التجريد) والغالب على أخبارها الإسناد وليس في أخباره من صح نكارته أو وضعه، فأما الضعف فيمكن، لكن لا يخرج ذلك عن الاحتجاج به، صرح به غير واحد من علماء السنة.
وأما الإمام يحيى عليه السلام فلا نعلم له قاعدة معلومة الفساد إلا قبول أخبار أهل الأهواء، والبخاري ومسلم قبلا ذلك، فإما اطردت قاعدتك هنا وإلا فما الوجه لتخصيص نقل أحد متفقي العدالة دون الآخر إلا لمجرد التعسف؟فما أجبتم به فهو جوابنا.
وأما قبول رواية المجهول وهو مذهب الشيخين كما قررنا سابقا وحكى في (الروض النضير) عند الكلام على مس الذكر عن الذهبي ما لفظه: إن في البخاري ومسلم من لا يعرف إسلامه فضلا عن عدالته. انتهى.
أما أئمتنا فلا نسلم ما حكي عنهم إلا مجهول العترة فقد ذكر ذلك عنهم، وهل هذه الإشكالات إلا مجرد دعوى أحاطت المحدثين بالحديث دون أهل البيت" وذلك من إنكار الضرورة، وينبغي للعاقل ترك ما رآه منكر الضرورات.
وأما صاحب (الشفاء) فمن قواعده قوله في (ينابيع النصيحة): إن رواية غير العدل الضابط مردودة بلا خلاف، وقال في ديباجة (الشفاء) زبدا مما صحت أسانيدها.
مخ ۶۴