[ابن الوزير] وأما قوله: فعلى الجملة فالزيدية إن لم يقبلوا كفار التأويل وفساقه قبلوا مرسل من يقبلهم من أئمتهم وإن لم يقبلوا المجهول قبلوا مرسل من يقبله، ولا يعرف فيهم من يتحرز عن هذا البتة، وهذا يدل على أن حديثهم في مرتبة لا يقبلها إلا من جمع بين قبول المراسيل بل المقاطيع وقبول المجاهيل، وقبول الكفار والفساق من أهل التأويل، فكيف يقال مع هذا، إن الرجوع إلى حديثهم أولى من الرجوع إلى حديث أئمة الأثر، ونقاده الذين أفنوا أعمارهم في معرفة ثقاته وجمع متفرقاته وبيان صحاحه من مستضعفاته...إلخ.
[المؤلف] أقول: هذه دعاوى لا برهان عليها، فقد قدمنا ما يدلك على أنهم لا يقبلون كفار التأويل وفساقه إلا مع ظاهر آية أو قياس أو بضم بعضها إلى بعض حتى يحصل ما يوجب الظن بصدقها، على أنا لو سلمنا لك هذه الدعوى فمنزلة المصنفين المشار إليهم في التطلع على مرويات الفريقين وأصولهم مع الورع الكامل والدين القويم في أعلى المراتب، وقد قلتم في حق البخاري ومسلم وأمثالهما ما لفظه: ومن وقف على قدح في بعض روايتهما أو تعليل لبعض حديثهما وكان ذلك من النادر الذي لم يتلق بالقبول، فالذي يقوى عندي وجوب العمل بذلك؛ لأن القدح بذلك محتمل، والثقة العارف إذا قال: إن الحديث صحيح عندي وجزم بذلك ولم يكن له في التصحيح قاعدة معلومة الفساد وجب قبول حديثه بالأدلة العقلية والسمعية الدالة على قبول خبر الواحد، وليس ذلك بتقليد له بل عمل بما أوجب الله تعالى من قبول أخبار الثقات، ولو كان مجرد الاحتمال يقدح لطرحنا جميع أحاديث الثقات لاحتمال الوهم والخطأ في الرواية بالمعنى، بل احتمال تعمد الكذب لا يمنع القبول مع ظن الصدق .
مخ ۶۳