62

العبرات

العبرات

خپرندوی

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

ادب
بلاغت
اَلزَّهْرَاء وَجُدْرَان صقيلة مَلْسَاء تَصِف مَا بَيْن يَدَيْهَا مِنْ اَلْأَشْيَاء كَمَا تَصِف اَلْمِرْآة وَجْه اَلْحَسْنَاء وَكَأَنَّ كُلّ جِدَار مِنْهَا لجة مُتَلَاطِمَة اَلْأَمْوَاج يَحْبِسهَا عَنْ اَلْجَرَيَان لَوْح مِنْ زُجَاج فَمَشَى يُقْلَب نَظَر اَلْعِظَة وَالِاعْتِبَار بَيْن تِلْكَ اَلْمَشَاهِد وَالْآثَار ويتنغم فِي نَفْسه يَقُول اَلْقَائِل. وَقَفَتْ بِالْحَمْرَاءِ مستعبرا مُعْتَبِرًا أَنْدُب أَشْتَاتًا فَقُلْت يَا حَمْرَاء هَلْ وجعة قَالَتْ وَهَلْ يَرْجِع مَنْ مَاتَا فَلَمْ أَزَلْ أَبْكِي عَلَى رَسْمهَا هَيْهَاتَ يُغْنِي اَلدَّمْع هَيْهَاتَ كَأَنَّمَا آثَار مِنْ قَدْ مَضَوْا نوادب يَنْدُبْنَ أَمْوَاتًا حَتَّى وَصْل إِلَى اَلسَّاحَة اَلْكُبْرَى فَرَأَى صَحْنًا مَفْرُوشًا بِبِسَاط مِنْ اَلْمَرْمَر اَلْأَصْفَر قَدْ دارات بِهِ فِي جِهَاته اَلْأَرْبَع أَرْبَعَة صُفُوف مِنْ اَلْأَعْمِدَة النجاف اَلطِّوَال وَتَرَاءَتْ فِي جَوَانِبه حُجُرَات مُتَقَابِلَات تَعْلُوهَا قِبَاب مُشْرِفَات فَعَلِمَ أَنَّهَا حُجُرَات اَلْأُمَرَاء وَالْأَمِيرَات مِنْ أَهْل بَيْته فَهَاجَتْ فِي نَفْسه اَلذِّكْرَى وَشَعَرَ أَنَّ صَدْره يُحَاوِل أَنْ يَبْكِي أَمَام فلورندا فَتَرَكَهَا فِي مَكَانهَا لَاهِيَة عَنْهُ بِالنَّظَرِ إِلَى بَعْض اَلنُّقُوش وَمَشَى إِلَى بَعْض تِلْكَ اَلْقَاعَات حَتَّى دَانَاهَا فَكَانَ أَوَّل مَا تَنَاوَلَ نَظَره مِنْهَا سَطْرًا مَكْتُوبًا عَلَى بَابهَا فَمَا قَرَأَهُ حَتَّى صَبَاح صَيْحَة شَدِيدَة قَائِلًا وَا أَبَتَاهُ وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَلَمَّ يستفيق إِلَّا بَعْد سَاعَة طَوِيلَة فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَوَجَدَ رَأْسه فِي حَجْر فلورندا وَوَجْد فِي عَيْنهَا آثَار اَلْبُكَاء فَقَالَتْ لَهُ لَقَدْ كُنْت اِعْلَمْ قَبْل اَلْيَوْم أَنَّك تكاتمني شَيْئًا مِنْ أَسْرَار نَفْسك وَالْآن عَرَّفَتْ أَنَّك لَسْت عَبْد بَنِي اَلْأَحْمَر وَلَا مَوْلَاهُمْ كَمَا تَقُول وَلَكِنَّك أَحَد أُمَرَائِهِمْ وَأَنَّك اَلسَّاعَة فِي قَصْر جَدّك وَأَمَام حُجْرَة

1 / 66