91

بالإضافة إلى التزامهما معا أو منفردتين بزيارة السجن والالتقاء مواجهة، عزيزة بيونس وسعدى بمرعي.

واللافت للنظر أن محاولات العلام لاغتيال الغرباء الثلاثة والإجهاز عليهم داخل أحد سجون تونس الواقع تحت سطوته، كانت تجيء - بشكل دوري - في أعقاب زيارة كل من عزيزة وسعدى ليونس ومرعي والإتيان لهما ببعض ما قد يحتاجانه من مأكل وملبس ومدونات أو مخطوطات انكب دأب يونس على قراءتها، للتخفيف من عبء وضغوط السجون والبعد عن عزيزة بالذات كما ذكر لها مرة.

وبالطبع كانت تنقل إلى أذني العلام كل محاولات عزيزة للاتصال بذلك الشاب المترفع كالرمح المدعو يونس، من عيونه ومرءوسيه، مما كان يلهب أحقاده الدفينة ضد العزيزة التي رفضته وأصبحت تناصبه العداء المعلن، مفضلة عليه ذلك المتسلل المعدم. - حقا ما أغرب وأبشع النساء!

وهكذا يروح العلام يلتهم غله وأحقاده، بحثا عن كيفية الانتقام من ابنة عمه التي فضلت عليه الغريب وأصبحت تحميه وتدافع عنه بكل ما تملك من قوة ضده. - يا له حقا من زمن غريب!

فكان يأمر سجانيه بإحراق كل ما تبعث به عزيزة إليه أولا بأول، بالإضافة إلى التشدد في تعذيبه ومحاولة اغتياله بأي وسيلة متاحة، ولو بكتم أنفاسه في أعماق الليل الدفين.

إلا أن محاولات العلام انتهت كلها إلى الفشل والإحباط، سواء بسبب يقظة يونس وعدم إغفاله ولو لومضة عين عما يدبره له غريمه العلام بن هضيبة، أو عزيزة ذاتها وعيونها أيضا التي نصبتها لحراسته داخل سجنه ومحنته كمثل أم تفيض مسئولية لحماية أولادها. - عيونكم لا تغفل عن أولئك الغرباء، وبالذات كبيرهم يونس .

ونفس الشيء تكلفت به سعدى بالنسبة إلى مرعي، مما أغضب العلام إلى حد الفزع والاحتجاج أمام خاله خليفة الزناتي. - إذن لتحكم البنات الصبايا تونس بدلا منا! وهذا ما يحدث.

أما عزيزة وسعدى فحاولتا من جانبهما تبصير الزناتي بمحاولات العلام المتكررة المكشوفة للتخلص من الغرباء وقتلهم داخل سجون تونس المظلمة بمختلف الطرق المتكتمة. - ولا من رأى ولا من درى.

بل إن سعدى بالذات نجحت قليلا في إقناع أبيها؛ أخذا بالمثل القائل «من ذات ذقنه وافتل له»، قائلة له: لنفترض يا أبي أن كلام العلام صحيح الذي أصبح يطلقه طولا وعرضا، وهو أن هؤلاء الشبان هم أمراء بني هلال المتنكرين، إذن ألا يحقق بقتلهم أو اغتيالهم أخطارا أكبر وأكثر فداحة من وضعهم داخل سجون تونس وبلا أدنى محاكمة أو اعتبار أو ذنب؟

وشيئا فشيئا بدأ الزناتي يتلمس سلامة منطق الفتاتين، وحرصهما على أمن تونس أمام رعونة ابن أخته العلام: هذا صحيح.

ناپیژندل شوی مخ