وهكذا ودع دياب بن غانم حلفاءه الأفارقة متجها عائدا إلى شمال أفريقيا بقومه بني زغبة، إلى أن لاقاه أبو زيد ونحر الذبائح وعاد إليهما صفوهما، فكانا يسهران ويسافران إلى نجد ويخرجان للصيد واللهو معا.
ودياب لا يكف عن المطالبة بإعادة نصيبه في حكم المغرب العربي دون أن يعطيه أبو زيد جوابا شافيا.
وهكذا حقد عليه دياب محادثا نفسه: خلصنا من واحد وبقي الآخر!
إلى أن حانت فرصة دياب بخروجه مع أبي زيد للتريض وللصيد والقنص، وحين تفرقت الفرسان لازم دياب أبا زيد وهو يلعب على ابنة فرسه الشهباء بالرمح والدبوس، إلى أن باغت دياب أبا زيد وسحب دبوسه المخفي وضربه خلف رأسه بسهمه فنفذ من جبهته، فوقع أبو زيد على الأرض متخبطا في دمه كالأعمى.
وأخذت الشفقة دياب فوقع إلى جانبه يبكيه راثيا مهيلا التراب الذي رشف دمه لاطما خديه في حسرة، إلى أن تخلى عنه دياب مضرجا بدم أبي زيد بنفس ما فعل جساس بن مرة عقب اغتياله لكليب.
ثم سار دياب كالمذهول بين قومه إلى أن دخل تونس ودخل «سراية الأحكام» ونادى باسمه، بل تجاسر معلنا قتله لأبي زيد الهلالي، وأنه الحاكم الوريث لتونس والمغارب.
وبكت النساء الهلاليات ورجالها أبا زيد وكثرت فيه المراثي، فأنشدته الجازية عقب دفنه إلى جوار أخيها السلطان حسن:
حوى حكمة لقمان وجود حاتم
وصبر أيوب وكل صفات.
أما دياب فقد جلس من جديد على عرش الزناتة وجاءه الملوك والأمراء والحكام طائعين.
ناپیژندل شوی مخ