وهكذا لم يجد الزناتي مفرا من الخروج لمنازلة وحرب دياب محققا في البداية انتصارا ساحقا عليه إلى حد تمكنه من الإيقاع به أرضا من فوق هامة فرسته الشهيرة الخضراء، والتي يقال: إن روحه عالقة بها إلى حد أن قتلها «يعني قتله هو ذاته»، مما دفع دياب إلى الحزن والبكاء عليها فأمر بغسلها وتكفينها بأثواب الحرير ودفنها في مهابة، قبل أن يشيد على قبرها قبة عظيمة ذبح عليها ألف ناقة فرقها على الفقراء واليتامى.
لكن ما إن سمع بنو هلال بموت الخضراء حتى أيقنوا أن دياب لن ينسى ثأرها أبدا، وأن نهاية الزناتي قد اقتربت.
وهو ما حدث حين اعتلى دياب مهر «الخضراء» ونازل الزناتي إلى أن هرب الزناتي، فقام دياب بإطلاق الرمح لأن الزناتي كان هاربا، فالتفت لكي ينظر إلى دياب فأصاب الرمح عينيه ونفذ من قفاه! وحين حاول أبو سعدى الترجل عن جواده لحق به دياب مستلا سيفه من جانبه ونزل وقطع رأسه ونضجها على رأس سنانه شاهرا.
وهنا تراجع فرسان تونس هاربين، فأطبق عليهم الهلاليون من كل جانب إلى أن تزاحموا على بوابات تونس ملقين بسلاحهم تحت أقدام دياب بن غانم طالبين الأمان والصفح.
وعم الذعر والفزع قرطاج لمقتل فارسها الزناتي، وانفتحت أبواب تونس على مصراعيها أمام تدفق أفواج الهلالية بسيوفهم وراياتهم وعتادهم وتهليلهم بالنصر والفتح.
وكان أول ما فعلوه هو الإسراع في البحث عن سجن أسراهم الفتيان الأمراء الثلاثة يونس ومرعي ويحيى، إلى أن وصلوا قصر العزيزة بنت معبد، فخرج الأمراء الأسرى الثلاثة لاستقبالهم وتعانق الجميع طويلا، وحملهم فرسان بني هلال وجماهيرهم على الأعناق.
إلا أن يونس أمسك بيد حبيبته عزيزة وهو يقدمها لجموع الهلاليين الذين رحبوا بها آخر الترحيب، وكذلك فعل مرعي مع حبيبته سعدى بنة الزناتي التي بدت كالمشدوهة على مصرع والدها.
وحين وصلوا إلى حيث مقر السلطان حسن الهلالي والجازية وأبي زيد تضاعف الترحيب بهم، وخاصة بالأميرة عزيزة التي احتضنها السلطان حسن مرحبا غير مشدق، منشدا للأميرة الباسلة التي حفظت أرواح أبنائه:
أنت شفوقة يا عزيزة عليهم
خلصتيهم يا بنتي من جميع الوهايم.
ناپیژندل شوی مخ