د واپسي په لور
عود على بدء
ژانرونه
وارتعت ثانية لما سمعت هذا الصوت الجديد الناعم، وأحسب أن وجهى امتقع فقد حنت على، وراحت تمسحه لى بكفها الرخصة، وتجسه، وكاد طيب لمسها يذهلنى عن تعجبى لصوتى وإنكارى له.
وسمعتها تقول: «كلا. لا شىء بك. وسأجيئك بطعامك فتهيأ له»، وألقت إلى ابتسامة وانصرفت خفيفة كمر النسيم.
وجلست على السرير وقلت لنفسى: «هذه خلوة يحسن أن أقضيها في جلاء هذا الأمر»، ورفعت يدى إلى رأسى أسوى شعرى وأسرحه بأصابعى، وإذا بيدى تقف وعينى تشخص، فإن شعرى قليل خفيف، على طوله، وقد استوى بياضه وسواده أما هذا الذى تخللته بأصابعى فكثير مجتمع مسترسل إلى القفا، وهوت يدى إلى خدى من الدهشة، فإذا الصفحة ملساء ناعمة أسيلة، وبضة طرية لا أثر فيها لشعر نابت يحتاج إلى الموسى لحلقه. فأدنيت أصابعى فى حذر وإشفاق من شفتى العليا فكان ما خفت أن يكون، ولم أجد شيئا. وزاد عجبى أن أحسست فى هذه الشفة انقلابا يسيرا واسترخاء. فدفعت الغطاء وانتفضت أريد الوثوب إلي الأرض لانظر فى المرآة وأتبين ما حل بى، ولكن الغطاء لم يكد يطرح وينحسر حتى جمدت مكانى. فقد ألفيتنى فى ملابس الصبيان - سراويل قصير لا ساق له، وقميص مقور الجيب بغير كم، والجرم كله جرم حدث، لا جرم الرجل الذى أعرف أنى هو - أو أنى كنته - ودليت ساقى من فوق السرير فلم تبلغا الأرض، فجعلت أهزهما وأتأمل بضاضة بشرتهما، وأتعجب أين ذهب الجسم الذى كنت فيه؟ وكيف دسست فى هذا الإهاب الجديد؟ واشتقت أن أسمع صوتى فرحت أتكلم بصوت خفيض مخافة أن يدخل على داخل فيستقل عقلى. واشتهيت أن أرى وجهى وصورتى فى مرآة، فإنى أرى معظم بدنى، ولا أرى وجهى وطولى وعرضى، ولكنى خفت أن يباغتنى أحد وأنا أتأمل نفسى فى المرآة وأدور امامها، فقلت أنتظر حتى أغتسل أو أغير ثيابى. فلابد أن لى ثيابا أخرى وعسى أن تكون فى هذه الخزانة.
واستثقلت هذا الحلم، وضاق صدرى بالتحول الذى تحولته فيه، وإذا طال الحلم فستتراخى السنون وتتعاقب قبل أن أبلغ مبالغ الرجال مرة أخرى، ثم ضحكت، فإن الأحلام تبدو لرائيها كالدهر طولا فيما يحس، ولكنها لا تستغرق أكثر من ثوان أو دقائق، وفاء بى هذا الخاطر إلى حد من السكينة والرضا، فقلت إنها على كل حال رؤيا سينسخ الإصباح كل ما فيها من صور، ولا منطق للأحلام، ولاضابط، ولا ايين تجرى عليه فإنما هى خيالات تتمثل، وأضغاث كسمادير السكر، وليس بمستغرب فى حلم أن يرتد المرء حدثا ابن عشر - ترى كم بلغت؟ - ووالله لقد نسيت كيف كنت إذ أنا طفل، فلعل ما أنا فيه يجدد لى الذكرى ويحيى ما غمض، وينشر ما انطوى.
ولمحت الباب يفتح فاستحييت أن ترانى هذه الفتاة المليحة عارى الساقين، فآسرعت فرفعت رجلى إلى السرير وتغطيت بالملاءة وأسندت رأسى إلى شباك السرير.
وكانت تحمل صينية كبيرة عليها أطباق شتى مغطاة وفنجان وإبريق وفوطة. فوضعتها على منضدة قريبا من الشباك أو الباب على الأصح ثم انثنت إلى وقالت: «ألا تزال فى سريرك؟ ما هذا الكسل؟ تعال».
وحنت على، وطرحت الملاءة عنى، وراحت تدلك لى جسمى من فوق. فأغمضت عينى مستحليا ذلك منها، ولكنها هوت بكفيها إلى الفخذين فدفعت يدها وتغطيت وصحت بها، وقد أنسانى الحياء ما أنكر من صوتى: «كله إلا هذا»!
قالت متعجبة: «ماذا جرى لك اليوم؟ ألست أفعل هذا كل يوم تقريبا»؟
كل يوم..؟ إن هذا الحلم أطول مما أعرف! فما أغربه من حلم مقتضب يبدأ من نصفه؟ وهل ترى اسمى فيه بقى كما أعرفه أو تغير هذا أيضا؟ وهل ترانى أجرؤ على الاستفسار؟
أم ستتاح لى فرصة فأعرفه بلا سؤال؟
ناپیژندل شوی مخ