نولينك قبلة ترضاها وتهواها، وعلى ما ذكرناه في كتاب «أزمة الإعراب» وفي كتاب «المباني لنظم المعاني»، فذكر لهما وجها من تقديم أو تأخير أو صرف إلى معنى «أنتم» ولم يذكر ذلك في قوله: كان مزاجها كافورا ، وأي ضرورة حملته على هذا الكلام وقد أغناه الله عن هذا التخبط في الأحكام.
مع أن الحرف الزائد الملغى لا يؤثر في غيره بإعراب وقد أثر هاهنا في «مزاج» و«كافور»، ومعنى الآية على ما نقدره: «كان/ 96/ مزاجها في وقت خلقنا إياها كافورا وقد خلق الله الجنة وعيونها وأنهارها وظلالها وأشجارها قبل أن خلق الخلق وأنزل الفرقان» فهذا معنى صحيح مستقيم من غير تخبط ولا تعسف.
وروي عن السدي قال: «وكان طعمها طعم الكافور».
وعن أبي جعفر الرازي قال: سألت الربيع عن قوله: سلسبيلا و زنجبيلا و مزاجها كافورا فقال: «هو أربع في الجنة لا يعلمهن إلا الله عز وجل».
وعن قتادة أنه قال: «يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسكة».
وعن مجاهد أنه قال: «يمزج به».
فإن قيل: ما معنى النصب في قوله: عينا يشرب بها عباد الله ؟
قلنا: فيه أربعة أوجه:
أحدها: على الترجمة والبدل عن كافور لأنه هي، أو هو اسمها.
والثاني: بحذف «من» كأنك قلت: «كان مزاجها كافورا من عين».
الثالث: وقال الزجاج: وجائز أن يكون من صفة الكأس والأجود أن يكون المعنى: «من عين».
الرابع: وقال الفراء: قوله : عينا إن شئت جعلتها تابعة للكافور كالمفسرة، وإن شئت نصبتها على القطع من الهاء في مزاجها .
فإن قيل: ما حكم الباء المتصلة بالهاء في قوله: بها عباد الله ؟ قلنا: فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن تكون زائدة كما قال: بأيكم المفتون [6/ القلم: 68] على أحد الوجوه، وقال الشاعر: «نضرب بالسيف ونرجو بالفرج» يريد/ 97/ نرجو
مخ ۸۵