============================================================
فكذلك من ليس له معلم غلب عليه الشيطان الذي هو أستاذ الهوى، ولا يحل الاقتداء بمثله ولا يصير كاملا مكملا غالبا، وقد قال أهل المعرفة نفع الله بهم: من لم ير مفلحا لم يفلح، أي مريد لم ير شيخا يربيه لم يفلح لغلبة هواه وعدم استقلاله برفع هواه.
وقالوا أيضا: إنه يشري من باطن الشيخ حال إلى باطن المريد كسراج يقتبس من سراج: وبالجملة: فلو لم يكن التعليم مفيذا لما اشتغل به رسول الله مع أصحابه وهم أصفى وأكمل منا، وقد تلقوا العلم والأدب من رسول الله في كل شيء، ولم يستقلوا بعقوهم مع كماها، فكيف لنا أن نستقل مع تقصانها.
ومن ثم قال العارفون قدس سرهم: قد يبلغ المريد بنظرة من شيخه ما لم يبلغه بمجاهدته أعواما كثيرة.
وماذا ينكر المنكر من قدرة الله تعالى أعطاه بعض عبيده لكظا يقيد بها أحوالا سنية لمن يحبه، فإن الله سبحانه وتعالى كما يجعل في بعض الأفاعي وهو المسمى بالصلانة(1) إذا وقع نظره على الإنسان يهلكه بنظرة واحدة، فلا يبعد منه أن يجعل في نظر بعض خواص عباده في مقابلة ذلك أنه إذا تظر إلي طالب صادق يكسبه حالا حياة قلبه بالحياة الأبدية بل هو كالواجب، لأن تلك الأفاعي من المظاهر الجلالية، فلا بد في مقابلته ما يكون من المظاهر الجمالية.
وإلى هذا يشير ما كنت أسمعه من شيخنا العلامة العارف بالله تعالى الأستاذ الشريف الحسين ابن الإمام عبد الرحمن بن محمد العيدروس نفع (1) الصلانة هي الأفعى السامة التي تلدغ على حين غرة.
مخ ۶۹