============================================================
يحمل قوله "من قال في القرآن برأيه فليتبوا مقعده من النار"(1).
وبطنا: أي وهو التأويل وهو ما تشير إليه الآية، وحده أن لا ثجاوز الكتاب والسنة مع عدم الجوم بأن المراد به هذا لا غير، فلا يكون من قبيل تأويل الباطنية، بل هو من باب وجوه الاحتمالات لا بالعقل من غير قطع بشي منها.
ومن ذلك قول عبد الله بن عباس - رضيي الله عنهما وعن أبوئه ونفع بهم - في قوله تعالى: ( أنزل من الشمآء مآء فسالت أودية بقدرها ) [الرعد: 17). الماء: العلم، والأودية: القلوب، انتهى.
أي أظهر من غيب سماء الحضرة الإهية ماء العلم فجرى كل وادو من أودية القلوب القابلة له إلى النفوس بقدر امتلاثها به وهذا النوع من التأويل غير منوع إذا كان فيه عبور من الظاهر إلى الباطن مع تقرير الظاهر، وإنما الممنوع ما عليه الباطنية من إنكار الظاهر بالكلية وذلك كفر.
وبالجملة: فالتأويل يختلف باختلاف حال المؤول من صفاء الفهم ورتبة المعرفة ونصيب القرب من الله تعالى، ومن ثم قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة، وأعجب منه قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما من آية إلا وها قوم سيعلمون بها.
(1) رواء الترمذي برقم (2950 و2951) والثاني منهما عن ابن عباس عن التبي قال: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوا مقعده من النار). وقال الترمذي عن الأول : حسن صحيح، وعن الثاني حسن، في كتاب تقسير القرآن باب ومن سورة فاتحة الكتاب.
مخ ۱۶