وبديهي أن العلم الأمثل هو الذي يستطيع أن نعبر عن حقائقه بالأرقام أو ما يقاربها في الصحة، ولا يمكن أن يقال هذا عن السيكلوجية في أيامنا. وإن كان مقدار كبير من المعارف السيكلوجية الآن يقوم على أساس من التجارب والأرقام. ولكن الطب العضوي نفسه كذلك لم يبلغ الكمال، بل هذا الكمال لم يبلغه أي علم، على أن الاتجاه التجريبي في السيكلوجية سوف يحقق شيئا كثيرا من الوصول إلى هذا الهدف.
وألغاز الحياة كثيرة. والسيكلوجية تحاول أن تسبر أعماقها وتنشد لها حلولا، وهي كل يوم تحقق نصرا بعد نصر.
وهذا الكتاب هو مجهود لنشر الحقائق، بلغة القرن العشرين العربية، عن السيكلوجية العصرية.
وقد اخترت ثلاث كلمات جديدة؛ فإني استبدلت بعبارة العقل الباطن كلمة: الكامنة؛ أي: العقل الكامن؛ وذلك لأن العبارة الأولى توهم الركود، أما الثانية ففيها معنى النشاط والتربص، وكلاهما من صفات الكامنة التي تتربص بنا، وأحيانا تتغلب علينا.
والكلمة الثانية هي الوجدان بدلا من الوعي؛ لأن الأولى أصح لغة من الثانية؛ لأن الوعي مشتق من فعل وعى، وليس فيه معنى غير الحفظ؛ ومن هنا الوعاء؛ أي: الإناء الذي نحفظ فيه شيئا، ولكن الوجدان مشتق من فعل وجد؛ أي: كيف تجد نفسك؟
والكلمة الثالثة هي الكظم بدلا من الكبت، وقد اخترتها لأنها أصح لغة، ولأن الجمهور يعرفها من عبارة كظم الغيظ. وقد يعاب عليها أننا نكظم ونحن على وجدان، وأن الكظم السيئ يحدث بلا وجدان. ولكن هذا التمييز يمكن أن نلتفت إليه في التفسير والإيضاح.
أما سائر الكلمات السيكلوجية مثل: السيكوز والنيوروز والهستيريا والنورستينيا والسيكوبائية، وما إليها؛ فقد أبقيتها على أصلها اللغوي الذي يتعارف به جميع السيكلوجيين على هذا الكوكب مهما اختلفت لغاتهم الوطنية، ولكل علم لغة يتعارف بها علماؤه، وهي تختلف من اللغات الوطنية؛ ولذلك لا يصح ترجمة هذه الكلمات، وقد وفيتها إيضاحا.
ورجائي أن أنفع القراء، فأثير اهتمامهم واستطلاعهم، وأستفز ذكاءهم إلى الاستزادة.
سلامة موسى
كلمات يجب أن يعرفها القارئ
ناپیژندل شوی مخ