وهنالك تناول كنديد الكلام وروى خبر مغامراته، ويعود فيلسوفانا إلى شاطئ بحر مرمرة معا، ويسيران على الطريق مسرورين متحاورين حول الشر المادي والشر الأدبي، وحول الإرادة والقدر، وحول الذرات الحية والنظام الأزلي.
الفصل العاشر
وصول كنديد وبنغلوس إلى شاطئ بحر مرمرة، ما رأيا وما وقع لهما
قال بنغلوس: «أي كنديد! لم تعبت من زراعة حديقتك؟ لم لا نأكل ترنجا مرببا وفستقا؟ لم سئمت سعادتك؟ فبما أن كل شيء ضروري في أحسن العوالم، وجب أن تعاني ضرب العصا أمام ملك فارس، وأن تقطع ساقك، لتجعل خوزستان سعيدة، وأن يبتلى كنود الناس، وأن ينال بعض الأشرار ما يستحقون من عقاب.»
وبينا هما يتكلمان هكذا، وصلا إلى منزلهما القديم، وكان أول ما وقف نظرهما رؤيتهما مارتن وباكت لابسين ثياب العبيد، ويقول لهما كنديد بعد أن عانقهما عناق حنان: «من أين أتى هذا التحول؟»
ويجيبان مع شهيق: «آه! عدت لا تكون صاحب منزل، فقد فوض إلى آخر أن يزرع حديقتك، وهو يأكل ترنجك وفستقك، وهو يعاملنا كما يعامل الزنوج.»
ويقول كنديد: «ومن هذا الآخر؟»
ويقولان: «هو أمير البحر، وهو أقل الناس إنسانية؛ وذلك أن السلطان أراد أن يكافئه على خدمه من غير أن يكلفه هذا شيئا، فصادر جميع أموالك، متذرعا بذهابك إلى الأعداء، وحكم علينا بالرق.»
ويضيف مارتن إلى هذا قوله: «والآن يا كنديد، داوم على طريقك، فما فتئت أقول لك: إن كل شيء يسير على أسوأ ما يكون، ويزيد حاصل الشر على حاصل الخير كثيرا، وسافر، ولا أيأس من أن تصبح مانويا إن لم تكنه حتى الآن.»
وأراد بنغلوس أن يبدأ بإقامة دليل شكلا، غير أن كنديد قاطعه؛ ليسأل عن أخبار كونيغوند والعجوز والراهب جيرفله وككنبو، ويجيب مارتن: «فأما ككنبو فهو هنا، وهو يعمل الآن في تنظيف بالوعة، وأما العجوز فقد ماتت بركلة خصي في صدرها، وأما الراهب جيرفله فقد دخل سلك الأنكشارية، وأما كونيغوند فقد استردت جميع سمنها وجمالها، وهي الآن في سراي سيدنا.»
ناپیژندل شوی مخ