فلا يفترق الحال بين الابتداء والاستدامة.
ويمكن أن يقال بالجمود على النص، لأن الانتباه في أحدهما أقوى دلالة على التعدد، لأن عود الروح إلى الشخص الواحد بعد اجتماعه (1) لا يكون إلا بسريانه إلى الأجزاء كافة، بخلاف نوم أحدهما دون الاخر، لأن عروض النوم إنما هو باستيلاء البخار على الحواس، ويمكن استيلاؤه على أحدهما أسبق من الاخر، فإنا نرى أنه يمكن أن تنام إحدى العينين دون الأخرى وأن ينام البصر دون السمع، وذلك لتفاوت الحواس قوة وضعفا، فلعل في البدنين أو الرأسين أيضا تفاوتا مثل هذا التفاوت.
ولما لم يمكن غالبا انتباه إحدى الحواس دون الأخرى (2) فعدم انفكاك البدنين أو الرأسين في ذلك أولى. وهو المتجه مع احتمال اعتبار الغالب وكون الأمارة مبنية على الظن، وهو موجود في المقامين.
والظاهر أن خصوص (الصياح) لا مدخلية له، بل لو انتبه أحدهما بالدفع (3) بآلة صغيرة لكان كذلك، بل دلالة الانتباه فيهما به (4) على الوحدة أزيد من الصياح.
نعم، انتباه أحدهما دون الاخر في الصياح أشد دلالة على التعدد.
ومن بعض ما قررنا ظهر ما في كلام الأمام ولي الملك العلام، من اعتبار ما لا يناله فهم آحاد الأنام، مع ما فيه من دقائق اخر، يظهر بعد التأمل.
ومن ما مر يظهر أنه لو تعارض سبق النوم إلى أحدهما مع الانتباه دفعة يقوم الأشكال: من أن الانتباه منصوص، ومن أن دلالته على الوحدة أضعف من دلالة النوم على التعدد اعتبارا، مضافا إلى أن ظاهر النص ذكر هذا علامة للتعدد، لا عدمه علامة للاتحاد وإن ذكر في النص ، لكنه مسوق لبيان غيره.
مخ ۵۸