وتلك الكلمات الفاترة الركيكة وذلك الترفع المصنوع الحقير! وتلك العناية التي سرها التقليل! وذلك الشرح للثناء في الظاهر وكل الغرض منه التصغير والتحديد السخيف!
وتلك الشبكة الواسعة التي يحبكها حولك الاغتياب والافتراء ويلصق بك ما يلصق من التهم والذنوب! فتفكر أولا في الدفاع عن نفسك أمام الذين تحسبهم أفطن من غيرهم وأقرب إلى الإنصاف. وبعد قليل تصمم على السكوت كبرا وازدراء. ذلك ما تعنيه الشاعرة:
ولم أفه لذوي رد لمعرفتي
أن الحبيب حبيب في المسرات
طبعا. هم كذلك أصدقاء المجتمع، الأصدقاء السطحيون والآخرون المتقمصون في أثواب الأصدقاء والمتكلمون بلسانهم كيف يركن إليهم. لذلك:
أخفي الأسى إن حسود جاء يسألني
لأين أسعى، وأومي لابتهاجاتي
وقد تخفيه احتشاما وصيانة لكرامة الألم، وقياما بالواجب الذي يمتهنه أولئك الذين يكرهون الناس إكراها على مخاشنتهم ومقاطعتهم؛ لأن الجفاء الوسيلة الوحيدة للتخلص من تطفلهم. يزعجون الناس بلا مراعاة فيخسرون حتما عطف القلوب. يتجاهلون أن لكل شيء حدا طبيعيا، وأن أعصاب بني الإنسان ليست من حديد. فلا تحتمل النواح والشكوى والإلحاح والمضايقة إلا لحين. وإن واجب المرء الأول نحو صحته لا سيما وأن له من مسئوليته وشئونه ما يتحتم القيام به أن يضن بكل تأثر مضن وأن يقلع عن كل اضطراب عقيم.
إن التحدث بالهموم وشكوى الغموم مرض شرقي متأصل. وكأننا أقرب الشعوب إلى رجم الآخرين بآلامنا وأوصابنا في كل زمان ومكان. وليس أدل من هذا على الضعف المعنوي وضعف الخلق ... ليس أدل من هذا على الحاجة إلى التهذيب.
وكأني بعائشة مطبوعة على هذه الصيانة الخلقية والكتمان النبيل فهي تقول:
ناپیژندل شوی مخ