والأصل في هذه المسألة أن أخبار الآحاد مقبولة في نقل الشريعة. ومن قصد فهمه عن الحجة وقارنته قرينة الإرتياب فيسعه التوقف ولو كثروا وليس ذلك بقدح في المسلمين. وهذا كله ما لم تقع فيه البلوى. فإن وقعت البلوى واحتاج ألا يتخلف عن الحق. ويسعه ما لم يحوجه الله إلى الفعل فيتخلف عن سبيل المؤمنين أو تبرأ (¬1) بواحد من المسلمين
أو وقف فيه أو قطع عذره أو تقول خلافهم في دين/ الله رب العالمين وتولى من كان على خلاف دين المسلمين وهو عندي قول (أبي الشعثاء) (¬2) جابر بن زيد رضي الله عنه ظني فيه حين ذكر ما يسع ثم قال: لا يجوز للعالم أن يقول للجاهل اعلم مثل علمي وإلا قعطت عذرك. ولا يجوز للجاهل أن يقول للعالم: اجهل مثل جهلي وإلا قطعت عذرك. فمن قاله منهما لصاحبه قطع الله عذره. وسنشير إلى طرف من هذه المسائل إذا صرنا إلى مواضعها.
باب
الأمر المجرد العاري من
القرائن هل يقتضي التكرار أم لا؟
الجواب: إنه لا يقتضي التكرار خلافا لمن قال يقتضيه من الشافعية ولمن قال بالتوقف من لأشعرية. ؟لأنه قد امتثل وفعل ما أمر به، وخرج من العهدة وصلح له الاسم فهو مصل وصائم فكما لا يقتضي الخبر التكرار فكذلك الأمر. ولو قال خبرا: صلى زيد لم يقتض التكرار ولا يدل إلا على صلاة واحدة، فكذلك الأمر. ومن/ حلف ليفعلن بر بمرة واحدة. واستدل من قال يقتضي التكرار لأن عليه استدامة الفعل حتى تأتي قرينة تدل على الترك كالنهي. فإذا نهي عن شيء فعليه استدامة الترك.
قلنا: إن لفظة النهي تدل على استدامة الترك بخلاف الفعل. واستدلوا بقضية الشارب حين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اضربوه فضربوه وكرروا عليه الضرب. فلو لم يقتض الأمر تكرار مما يقتضي الأمر من الضرب.
قيل لهم: إن قوله عليه السلام: اضربوا الشارب. مقترن بقرينة الردع
مخ ۹۰