فإن قال قائل إنما الوعيد لمن حصل له الشرطان جميعا، وهما مشاعقة الرسول عليه السلام واتباع غير سبيل المؤمنين. قلنا: الوعيد إذا وقع على الجملة فارز (¬1) كل واحدة منهما. كقوله عز وجل: { والذين لا يدعون مع الله آخر .......... وآمن .. } (¬2) ومن ادعى في هذه الآية أن الخلود إنما حصل على جميعها وليس على أفراد. قيل له: إن النهي إنما وقع على جميعها، وأما على احداها فلا يجب عليه خروج الشرك من النهي وسائرها فالنهي والوعيد والخلود مقترنة لا فرق، ففيها لأهل الخروج/ مغمز ينعكس عليهم بالنهي. وقالوال: إن هذا شرط في الخلود وصفة في النهي. قلنا: بل هو شرط في النهي وصفة في الخلود. وغرضهم أن الشرط قد يفارق الصفة والصفة لا تفارق. وقالوا: أنه كالجمع بين الأختين حرام جمعهما، ونكاح كل واحدة منهما بانفرادها مباح. عورضوا بالنهي ولا فرق. وإن قالوا: هو قولنا إن المشرك غير منهي عن المعاصي دون الشرك وغير مأمور بالطاعة دون التوحيد، عكسنا عليهم وقلنا: إن النهي وقع عن المعاصي دون الشرك. وإن قالوا إن ذلك يدل على الأبعد المذكور قلنا: بل على الأقرب المذكور أو على الكل فإن قالوا: ذلك الأبعد
وذلك الأقرب، قلنا: في رأي العين والمسافة. وأما في النسق فلا. فلوا كان قول الله عز وجل: { والذين لا يدعون مع الله آخر ..... الآية } (¬3) يريد به أحكاما خصوصية/ لنص عليها. فإذا لم ينص فالتحريم والنهي والوعيد والخلود سواء لا فضل.
وأما إن عارض معارض في هذه الأمة في قوله: { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى .. } (¬4) فقد شرط الله عز وجل بيان الهدى. ودليل الخطاب أن من لم يتبين له الهدى لم يدخل في الوعيد والتحريم. وغيره من أهل الجزائر ومن كان في أقاصي الأرضين، وله هذه صفة وليس بشرط، على أن دليل الخطاب فيه ما فيه.
فصل
مخ ۲۳۹