قالت العباسة: «أحقا ما تقول؟ أخشى أن ينطوي وعده على خداع؛ فإنه لا يمكن الاطمئنان على وعد مثل هذا من جانبه.»
قال جعفر: «لقد وعدني وأكد الوعد، والوشاة من حسادي يساعدونني على ذلك ليبعدوني عن بلاط الخليفة، ويتمتعوا بالنفوذ دوني، ولا أحتاج في تحقيق هذه الأمنية إلى أكثر من كلمة واحدة.»
فأبرقت أسرتها وظهر البشر في وجهها وقالت: «بالله ألا أسرعت في تحقيقها؛ فإني لا أرى لنا خيرا منها، فإذا كنت أنت في خراسان سرت أنا إليك على عجل، واستقدمنا ولدينا وعشنا معا في رغد وهناء، وأنا واثقة من أن الرشيد لا يطمع فينا هناك؛ لأنه يخشى على ملكه.»
قال: «إذن كوني مطمئنة؛ فإن الأمر لا يحتاج إلى صبر طويل.»
فقالت: «قد شعرت منذ الآن بذهاب القلق؛ لأني أعتقد - كما قلت - أنهم لا يجرءون على ذكر خبر الطفلين بين يدي أخي لما يعلمونه من غيرته على العرض، وأنا على يقين أنه يقتل كل من عرف أنه اطلع على هذا السر.»
قال: «إذن فأنت مطمئنة لهذا الرأي؟»
قالت: «نعم، ونعم الرأي هو. آه! هل تتحقق هذه الأمنية وولدانا معنا، وتكون أنت زوجي على رءوس الأشهاد، كما إني أعتقد أنك كذلك ولو كره الحاسدون أو أنكره أخي علينا؟» قالت ذلك وصرت أسنانها.
فقال وهو يتحفز للقيام: «كم أحب أن أبقى هنا ولا أفارقك يا حبيبتي! ولكن لا بد من ذهابي على عجل؛ لأني جئت خلسة، وإذ قد صممنا على التستر؛ فينبغي لي أن أمضي سريعا حتى لا ندع سبيلا إلى الوشاية.»
فأمسكت بيده وأجلسته وهي تقول: «لا، لا تذهب فإني ...» وغصت بريقها.
فقال: «أراك قد عدت إلى المخاوف! لا تخافي؛ فإننا سنجتمع قريبا، بإذن الله.»
ناپیژندل شوی مخ