قالت: «بيض ... وشاي ولبن ... وو... وزبد ... و ...»
فقلت مقاطعا: «آسف جدا، لو كنت تفطرين على خوخ وعنب وجبن ولحم مشوي وكبيبة و... لأمكن أن نفتح هذه الحقيبة ونرى ماذا فيها.»
فقالت، وهي تضحك: «هل معنى هذا أنك تدعوني؟»
قلت: «إنك ذكية جدا.»
فضحكت وقالت: «هات فإني جائعة ... ميتة من الجوع.» •••
وفرغنا من الأكل، ولكل شيء مع الأسف آخر، وأشعلت سيجارة وأسندت ظهري إلى جذع شجرة من أشجار الصنوبر الكثيرة في هذه الجبال وقلت: «والآن وقد انتهى الطعام، أفلا يحسن بنا أن نفكر في مخبأ غير هذا الشجر لفتاتنا الهاربة؟ إن لي إخوانا - أعني أعوانا - في رأس هذا الجبل، فلو ذهبنا إليهم، واتصلنا بهم ...»
فنهضت بلا كلام، ومدت يدها إلى الحقيبة فتناولتها، وتركتها تحملها فقد خف وزنها، ولفت ذراعها بذراعي، ومضينا ندب كأننا جنديان.
ودنونا من العين، فقلت: اختبئي هنا حتى أنفض المكان. وسبقتها إلى حيث كان القوم جالسين يتراهنون على أني لا محالة خاذلهم ومجوعهم في يومهم هذا، فلما رأوني فرح الذين أحسنوا الظن، وحزن الذين أساءوه وخسروا، وأفضيت إليهم بقصة الفتاة، فضحكوا، وتقدم واحد فصاح - وكان قوي الحنجرة: «إيفون ... إيفون ... كلير ... اظهري ولك الأمان.»
فبرزت له وأقبلت علينا ضاحكة مستبشرة، فوثبنا إلى أقدامنا، ورفعنا أكفنا إلى رءوسنا بالتحية ثم أنزلناها بقوة على أفخاذنا كما يفعل الجنود.
ثم قلت - على سبيل التعريف: «هؤلاء جنودك ... كلهم مستعد أن يبذل آخر قطرة من دمه - أعني كل قطرة - في سبيل نجاتك أيتها المجرمة الجليلة (ضحك عال)، وثقي أنهم سيدافعون عنك (أصوات: نعم ... نعم) ب... ب... بأي شيء يا إخوان (أصوات مختلفة: بأرواحنا ... أرواحنا فداء لها) أرواحهم ... ولكن يا إخوان ألا يوجد شيء غير الأرواح تدافعون به؟»
ناپیژندل شوی مخ