النَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي كَيْفِيَّةِ إِنْزَالِهِ
قَالَ تَعَالَى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ وَاخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِنْزَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ
أحدها أَنَّهُ نَزَلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَجَّمًا فِي عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى حَسَبِ الِاخْتِلَافِ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ نَزَلَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي عِشْرِينَ لَيْلَةِ قَدْرٍ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَقِيلَ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةِ قَدْرٍ مِنْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقِيلَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةِ قَدْرٍ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَا يُقَدِّرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنْزَالَهُ فِي كُلِّ السَّنَةِ ثُمَّ يَنْزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَجَّمًا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ ابْتُدِئَ إِنْزَالُهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُنَجَّمًا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْهُرُ وَأَصَحُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ