المدرسة الكوفية:
انشغل علماء الكوفة بادئ الأمر بالفقه ووضع أصوله ومقاييسه، وأذكر هنا أبا حنيفة النعمان، وعنوا بالقراءات ورواياتها، حتى اشتهر منهم عاصم وحمزة والكسائي، واهتموا أيضا برواية الأشعار، فتركوا المجال لعلماء البصرة الذين حازوا فضل السبق في علم النحو والصرف.
ولكن سرعان ما رغب علماء الكوفة بهذين العلمين، فكان أبو جعفر الرؤاسي المتوفى سنة ١٨٧ أول كوفي ألف في النحو، والذي أخذ العلم في البصرة عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي. ثم ظهر الكسائي المتوفى سنة ١٨٩ الذي أخذ العلم من حلقات أئمة البصريين، ثم رجع إلى الكوفة فوضع أسس المدرسة الكوفية التى اعتمدت على الاتساع في رواية الأشعار والأقوال والقراءات الشاذة والقياس على الشاذ والنادر في اللغة، مخالفا بذلك البصريين في القواعد بآراء لا يقويها شاهد وربما رفض المسموع والشائع. وتبعه بذلك تلميذه الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ متسعا بهذه الجوانب ومتزودا بقدرة ثقافية كلامية فلسفية، أقدرته على الاستنباط والتحليل والاحتيال للآراء، وهشام بن معاوية الضرير المتوفى سنة ٢٠٩، ثم جاء ثعلب أحمد بن يحيى المتوفى سنة ٢٩١ الذي أخذ عن الفراء كل ما كتب وقرأ كتاب سيبويه، وأخذ عن الأخفش الأوسط، حتى تبحر في مذهبي البصرة والكوفة. واشتهر بعد وفاته من تلاميذه كثيرون، من أمثال أبي موسى سليمان بن محمد المعروف بالحامض، الذي جلس بعد موت أستاذه مجلسه، حتى توفي سنة ٣٠٥، وأبي عمر الزاهد المتوفى سنة ٣٤٥، وأبي بكر بن الأنباري المتوفى سنة ٣٢٨، ثم جاء أحمد بن فارس المتوفى سنة ٣٩٥، الذي مد ظلال المدرسة الكوفية إلى حين ابن آجروم الصنهاجي المتوفى سنة ٧٢٣، الذي كان آخر النحاة، الذين استظهروا آراء المدرسة الكوفية.
1 / 10