306

کتاب البلدان

كتاب البلدان

ژانرونه

جغرافیه

حال، حتى تكون دهرا قطرا، وليلها ونهارها واحدا بدائم. نجد مع ذلك الذي ينبغي منه دوام بقائه واتصاله وصفائه، هو ماء نيلهم الأعظم وعزهم الأكبر. فهو الذي لا دوام لمائه ولا اتصال لطيبه وصفائه. فإن مثل الناس بين الهواء بمصر وبين أزمان بغداد المعدلات، وبين نيلها وما فيه من الحوادث الهائلات والعجائب الطارقات، وكثيرا مما لا يطيب استماعه- فضلا عن مشاهدته- ولو لا ما قد جرت لأهله العادات، وبين ماء دجلتنا والفرات وغياث السحائب الربيعيات، وأيام الشتاء المدجنات، وما في السماء من البركات، ميلوا باطلا وأضاعوا محصولا.

وقد زعم كثير من أهل النظر أنه لولا طلسم بمصر لأغرقها النيل والبحر.

وأن بلدا لا تقوم أركانه، وثبات أهله وجيرانه إلا بحيلة من المربوبين، لا يؤمن فسادها، وبعاصمة من المخلوقين تشوبها الظنون، وتزول بدونها عقد اليقين، لعلى خطر عظيم وغرر جليل.

هذا وليس بين أن ترى ساكنيه عطشى يتشطحون وبين أن يكونوا في السفائن [47 ب] والزواريق يتزاورون، وفي مراكب الطوفان يذهبون ويجيئون فرقا في مواقيت معلومة من الزمان وأحوال معتادة من الأيام.

ومما يزيد بعده بمقادير عقول المصريين، ويجوز لك الدليل على موازين المعدلين بين مصر ومدينة السلام، أن يعلم أن قوما قد زعموا أن الأحكام لم تكن لتملك على قوم ملكا، وذلك الملك أنقصهم عقلا ولا أوضعهم رأيا ولا أسيرهم نهما ولا أصغرهم علما، مع تقدم الشهادات لعقول الملوك خاصة. وبالخواص التي تكون مقرونة بهم ومنسوبة إلى قرائحهم، عدل الملك في زمانه أو جاره.

وإذا كان هذا هكذا، ثم وجدنا فرعون قد ملك مصر دون غيرها وغلب عليها دونما سواها ( أنا ربكم الأعلى )، فما ظنك بعقول قوم هذا عقل من ملكوه عليهم.

ومغرس هذه آثار ثماره، ونتائج أشجاره. ونحن قد فوضنا مصر إلى خمارويه وزدناه من الأقطار إلى حدود الأنبار.

وإذا ذهبنا نقابل المصرين بما ببغداد من الفضائل: وزيرا بوزير وأميرا بأمير

مخ ۳۱۸