قدم إلى بغداد وحدث بها. وذكر أبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي (246- 340 ه-) مؤلف طبقات النساك المعروف بشيخ الحرم أنه سمع منه ببغداد. كما سمع منه فيها عبد الباقي بن قانع (265- 351 ه-) (1) أما حجر المطر الذي يوجد لدى الترك ويقول ابن الفقيه إنهم «إذا أرادوا المطر حركوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر. وإن هم أرادوا الثلج والبرد، زادوا فيه فيوافي الثلج والبرد. ويقال إنهم إذا أومأوا إلى جهة من الجهات، مطرت تلك الجهة وأبردت» (171 أ)، فأمره لا يخلو من طرافة في عالم الفولكلور الآسيوي. فقد قال أبو دلف (الرحلة 177 ب) إنه لدى الترك الكيماك.
ونقل البيروني عن كتاب النخب لجابر بن حيان (توفي عام 200 ه-) أنه «حجر اليشب وهو حجر الغلبة تستعمله الترك ليغلبوا» (2).
ويزيد الأمر وضوحا فيقول في الآثار الباقية: وهو يتحدث عن عدة ظواهر في الطبيعة: «وفي الجبل الذي بأرض الترك، فإنه إذا اجتاز عليه الغنم شدت أرجلها بالصوف لئلا تصطك حجارته فيعقبه المطر الغزير وقد يحمل منها الأتراك فيحتالون منها في دفع مضرة العدو إذا أحيط بهم فينسب من لا يعرف ذلك إلى السحر منهم» (3).
ونظرا للروح العلمية التي لدى البيروني فقد طلب إلى أحد الأتراك الذين حملوا إليه شيئا من تلك الأحجار أن يجلب بها المطر. فرماها إلى السماء مع همهمة وصياح فلم ينزل شيء من المطر. وعلق على ذلك قائلا: «وأعجب من ذلك أن الحديث به يستفيض. وفي طباع الخاصة فضلا عن العامة منطبع يلاحون فيه من غير تحقق» (4)
مخ ۳۱