مقدمة كتاب البلدان لابن الفقيه الهمذاني
بسم الله الرحمن الرحيم
قال ياقوت الحموي وهو يرد على من طلب إليه أن يختصر كتابه (معجم البلدان): «حكي عن الجاحظ أنه صنف كتابا وبوبه أبوابا. فأخذه بعض أهل عصره فحذف منه أشياء وجعله أشلاء. فأحضره وقال له: يا هذا! إن المصنف كالمصور.
وقد صورت في تصنيفي صورة كانت لها عينان فعورتهما- أعمى الله عينيك- وكان لها أذنان فصلمتهما- صلم الله أذنيك- وكان لها يدان فقطعتهما- قطع الله يديك-.
حتى عد أعضاء الصورة. فاعتذر إليه الرجل بجهله هذا المقدار وتاب إليه عن المعاودة إلى مثله» (1).
وينطبق ما قاله الجاحظ على من اختصر الكتاب الذي نضعه بين أيدي القراء الكرام، حيث بلغ اختصاره أحيانا حدا أدى إلى غموض الجمل وضياع الأسانيد بما لها من خطورة وأهمية في تحديد أزمان الوقائع. فقد حذف مثلا اسم الرحالة تميم بن بحر المطوعي الذي قام برحلة إلى آسيا الوسطى وحدث بأخبارها ابن الفقيه، وحذف تبعا لذلك الرحلة بكاملها. وحذف المعلومات المهمة التي أوردها ابن الفقيه نقلا عن أبي العباس المروزي عن القبائل التركية والتي نقلها ياقوت فيما بعد عن النسخة الكاملة لكتاب ابن الفقيه. كما حذف أخطر فصول الكتاب على الإطلاق ونعني به الفصل المسمى ب (ذكر بعض مدن الأتراك وعجائبها) الذي نقله
مخ ۵