أواه على المنفى المسكين إنه غريب في بلاد الله ! !
أنظر إلى هذا الجدول الصغير إنه يسيل بفتور جذاب فوق بساط من السندس الأخضر.
يختال بين زهوره مترنحا جريانه ينساب كالثعبان
فإذا كف النور صافح خده ونظرته فورا بلا إمعان
خلت المياه معادنا من فضة أوإنها جيد على حسان
تخفي وتظهر والشعاع ينيرها كالزئبق الرجراج باللمعان8
ومع ذلك كله إن خريره لا يهمني ولا يذكرني أيام الصبا وعهد الطفولية لأنني لم أعرفه من قبل ولم أقض بجانبه أياما طوالا عند نعومة أظافري فهوليس لي وأنا لست له:
أواه على المنفي المسكين إنه غريب في بلاد الله ! !
ما ألذ الغناء الذي أسمعه إنه صوت شجي يحرك الساكن ويسكن المتحرك.
ولكن هيهات أن يخترق صدري فهولا يتجاوز أذني ولا يهيج في نفسي عاطفة الحزن ولا عاطفة السرور لأنه غريب عن مزاجي وطبيعتي ولأنه في هواء غير هوائي.
أواه على المنفي المسكين إنه غريب في بلاد الله ! !
سألوني ما الذي أبكاك؟أفرقت وطنا كنت تهواه ويهواك؟أم أنك عاشق مغرم؟وقد أسهرك هم مكتوم؟وما بال نهر دمعك لا ينضب؟ونسيم سرورك لا يهب؟
فلما عرفتهم بحالي ! !فما منهم من رثى لي ! !
"لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها"
أواه على المنفي المسكين إنه غريب في بلاد الله ! !
مررت ببعض الشيوخ السعداء وقد أحاطت بهم أبناؤهم إحاطة الهالة بالقمر فما من الأولين من ناداني يابني ! !ولا من الآخرين من دعاني ياأخي ! !لأنني غريب في بلادهم والغريب لا يعبأ به..
أواه على المنفي المسكين إنه غريب في بلاد الله ! !
رأيت شبانا متعانقين محتابين أجسادهم متعددة وأرواحهم متحدة فوقفت قربهم علهم يقربوني.فما صافحني أحد ولا عرف مكاني من الوجود لماذا؟لأنني(غيرهم)ومنفي غريب والمنفي جزاؤه البغض والحرمان.
أواه على المنفي المسكين إنه غريب في بلاد الله..
مخ ۳۸