10
له أن يهتدي، وهنالك امرأة أخرى تدعو له وهي تحتضر، ويؤثر في نفسه فيسأل: أفلا يقرر ذلك سيره نهائيا؟ وتلين قناته، ويصلي للمرة الأولى منذ خمس عشرة سنة من أجل شفاء صديقته «غير مفكر في صواب الصلاة».
ويعلم دهشا درجة صحو المحتضرة وصفاء روحها، وهما يعدان الموت بدءا للرحلة قبل الأوان، فلا بد من اللقاء، وتقضي ماري نحبها،
11
فيسقط في يد صديقها الذي أحبها، وما كان ألمه من غير أثرة خالصة، فقد قال:
يعبر حزني الأول عن أثرة عاطفية بسبب ما منيت به من فقد. والحق أن هذه هي المرة الأولى التي أخسر فيها شخصا بالموت، لما ترك ارتحاله من فراغ كبير غير منتظر في حياتي، وفقدان الأبوين من نوع آخر، فما بين الولد والوالدين من صلة فليس صميميا بتلك الدرجة عادة، وما كان من شعور عميق بأنني لن أرى من هي عزيزة علي لازمة لي، وبأنني لن أسمعها فأمر جديد يصعب علي أن أعتقد معه صحة ما حدث فأصدقه.
بسمارك في سنة 1834.
ويرى صديقه الأرمل ثانية فينطق بالكلمات المؤثرة الآتية: «ذلك هو الفؤاد الأول الذي فقدته والذي أعلم أنه كان يخفق بحرارة من أجلي، والآن أومن بالأبدية، وإلا لم يخلق الله العالم!»
وفي هم يساور قلبه وفي حال طبيعية جدا يسير إلى الصلاة ككل إنسان مؤمن أو غير مؤمن، ويصلي حتى في «القطار» كما روى بلانكنبرغ ساخرا، ويتوجه إلى الله على أبسط وجه في العالم وبين الوجد والحداد تلبية لدعوة المحتضرة وصداقة الأحياء، والآن أيضا يأتي بتحفظ على شاكلته، فيترك المرتاب باب الاعتزال مفتوحا، فلم يغب عنه أيام نضجه ذلك الوضوح الخصر
12
ناپیژندل شوی مخ