3
زعانف
4
ولهلمستراس، ويخافون اكفهرار الجو ويرفعون أصابع التحذير، ويكتب الإمبراطور ولهلم إلى الإمبراطور فرنسوا جوزيف قوله: «سيسافر بسمارك إلى فينة في أواخر الشهر، اقتطافا لما أعده المعجبون به من استقبال حماسي، وأنت تعرف أن من آثاره تلك المعاهدة الروسية ذات الوجهين التي وضعت وراء ظهرك فأبطلتها. وما انفك بسمارك منذ اعتزاله يشن حربا غادرة ضدي وضد وزيري كابريفي، وهو لم يأل جهدا في إبداء ضروب المكر والحيل حتى يحول المسائل بما يعتقد معه العالم أنني أتقدم إليه بسلف، ويبدو له أن يقوم بمقابلتك كما طلب، وقد تكون هذه المقابلة أهم ما يهدف إليه، فأطلب إليك - والحالة هذه - ألا تعقد وضعي في بلدي بمقابلة هذا التابع غير الطائع ما لم يأتني معترفا بذنبه.»
وفي الوقت الذي يرسل فيه ذلك الكتاب الوقح يرسل كتاب آخر إلى سفير ألمانية في فينة الأمير روس من إنشاء هولشتاين وبإمضاء كابريفي جاء فيه: «إذا ما زار سموكم الأمير أو أي واحد من أفراد أسرته؛ فإنني أرجو منكم أن يقتصر ذلك على الشكليات وألا تقبلوا منه أية دعوة إلى العرس، وبهذا التوجيه يخاطب رجال السفارة كما تخاطبون. وأضيف إلى هذا أن صاحب الجلالة لن يقبل دعوة إلى هذا العرس، ونوصي سموكم بإنباء (الوزير) الكونت كلنوكي بهذا الأمر بما ترونه من أسلوب.» وهكذا يوصم بسمارك رسميا بالرجل الذي لا يقبل، وهكذا يحذر وزير خارجية النمسة منه.
ويخبر بسمارك سرا بأمر ذلك الكتاب، ويدعو كابريفي إلى المبارزة قائلا: «لقد اخترت شاهدي، ولا تزال يدي اليمنى سليمة، ولي خبرة في إطلاق النار من المسدس، ولكنني قلبت الأمر في ذهني فوجدتني ضابطا يرى عرض الأمر على محكمة شرف مؤلفة من شيوخ القواد، ليس لي أن أدعه يواجه هذا المسدس.» وعلى هذا الوجه يبدي ذلك المارد بسالة الأسد فيه ابنا للسابعة والسبعين من سنيه، وهو يريد أن يدافع عن اسمه ومرتبته وشرفه مخاطرا بحياته، ولن يرسل ابنه ليقوم مقامه في ذلك، وهو يود مقابلة الموسيقى بنفسه، وهو - كما في كل حين - تساوره رغبة روائية في ختم حياته المكدرة بفاجعة.
وبسمارك يسلك أقوم الطرق، وبسمارك يصف لخلانه «كتاب أوريا»
5
هذا بالمجون، وبسمارك يذيع في جريدته على الجمهور ما يأتي: «إن ما اتخذ من الوسائل لحمل عاهل النمسة على عدم مقابلة الأمير - بعد أن كان مستعدا لذلك - حمل على انتقاص مقام الأمير الاجتماعي والحط من قدره، وعد إهانة لشخصه، فلا نجد في سابق سيرة الأمير ما يسوغ ازدراءه بمثل هذا.» وتنفجر هذه القنبلة وتجاوز شظاياها ما وراء حدود ألمانية.
ولم يحدث منذ وجدت بروسية أن أثار ملك بروسي شعبه ضده بمثل ذلك، ولم يصب البروسيون في سنة 1848 غضبهم على العاهل الضعيف في الحقيقة، والآن يبدو نصف ألمانية في هرج ومرج، والآن حين يمر آل بسمارك من برلين يزدحم الجمهور على رصيف المحطة ويطلب من الشيخ أن يلقي خطبة، ولكنه يجد من الحكمة أن يضبط نفسه فيصمت لإحكامه خطط انتقامه، ويشق الأمر على طبقة الأشراف في فينة ثم تبتعد، ويتظاهر سفير ألمانية بالمرض ويلزم سريره على حين تناضل زوجه الأميرة الفيمارية بشجاعة عن المستشار السابق المشتوم. وفيما تحف ببسمارك تلك المشاعر يحتفل ابنه هربرت بتزوجه الكونتس هويو بعد عشر سنين من امتناعه عن الزواج بإليزابت هاتسفلد لمثل تلك الأسباب.
ناپیژندل شوی مخ