288

بسمارک: د یوه مبارز ژوند

بسمارك: حياة مكافح

ژانرونه

وكيف ذلك؟ إنه عبد وذلل دول أوروبة، فكيف يخضع لتدابير امرأة مغناج غير غنية؟ دخل الدبلمي الأكبر ميدان الكفاح وجال فخرج منصورا.

وماذا نقول عن هربرت؟ كان هربرت وديعا وجلا من أبيه مجلا له محترما لسنه راغبا في التراث عاجزا عن كل عمل مستقل غير ميال إلى حرية السير، ويمثل أبوه دور الأب الشديد، فهو يصرح مع القسم بأنه يستقيل ويعدل عن تسيير دفة الدولة ويقتل نفسه ما لم يذعن ابنه، وهو يعلن أن هذه البلايا تودي بحياة الأم - كما قال الأطباء - وهو يبدو رئيسا رسميا لهربرت فلا يستطيع هذا المرءوس الخادم أن يتزوج بغير موافقة رئيسه المخدوم، وهو يبرز صاحبا للميراث فيهرع إلى الإمبراطور الذي أنعم عليه بتلك الأراضي حتى يحق له تعديل صكوكها بما يبقى به هربرت عند دوام جماحه فقيرا مدى حياته مقتصرا في عيشه على النفقة المشروط على زوج تلك الحسناء الأول أن يؤديها إليها.

وليس ذلك كل ما في الأمر، فقد مضت سنوات كثيرة بعد شباب بسمارك، وبسمارك في شبابه كان ذا تجريب كبير في تلك الأمور، وهو يعرف كيف يربط الرجل نفسه بعهود في ليلة يقضيها في قصر قوطي بين ذراعي خليلته؛ ولذا لا ينبغي لهربرت أن يذهب إلى البندقية؛ ولذا لا مناص من ذهاب الأب أوتو مع الابن هربرت إلى البندقية إذا توجه هذا الأخير إليها، والابن هربرت دبلمي، والابن هربرت تلميذ للرأي العام، أفلا يحسب هربرت ما في الوضع المضحك من خزي؟ هو يغدو إلى الأبد محل سخرية أوروبة إذا أبدى المراسلون والمصورون والمغنون بسمارك الشائب، وهو ينزل من زورق بندقي بسرعة إنقاذا لابنه العاشق.

ولكن هنالك ما يعود إليه المضطهد غير مرة، وهو ذلك العهد الأدبي الذي ارتبط فيه نحوها، فلولا هذا الارتباط الأدبي ما ورطت الأميرة نفسها في شين الطلاق لتلهو كما تهوى، وللمصارع الدرب بسمارك ما يصد به عن كل طعنة، وبسمارك يقول إن تلك المطلقة هينة الفضيلة، واسمها اليوم مقرون باسم هربرت، ومن الممكن أن كانت في المس مقترنة بشخص آخر، ومن الممكن أن تقترن بشخص آخر في الغد، وفي الواقع أن الاسم لا يستحق الدفاع، ولا يريد من ناحيته أن يقرن اسم بسمارك باسم لوئه واسم شلينتز، وإذا كان الشرف هو المقياس وجب أن يكون شرف بسمارك هو الراجح.

وكيف؟ آلهوى؟ أوخز الضمير؟ أكرامة الابن البكر؟ يذلل الشباب هذه الغوائل! فإلى الأمام!

الفصل الثالث عشر

أملى بسمارك على ابنه الأسطر الآتية في أثناء استشفائه بكيسنغن في خريف سنة 1877، وهي: «قالت إحدى الصحف الفرنسية حديثا إنني كنت كابوس المحالفات، وهنالك من الأسباب الوجيهة ما يجعل وزراء الدولة الألمانية يعانون أمر هذا الكابوس لطويل زمن وإلى الأبد على ما يحتمل، ويسهل على الدول الغربية أن تؤلف محالفات ضدنا بتدخل النمسة، وأخطر من هذا أن تقع محالفة بين روسية والنمسة وفرنسة، ومن شأن كل صداقة وثيقة بين اثنتين من هذه الدول الثلاث أن تجهز الدولة الثالثة منها بما تضغطنا به ضغطا محسوسا على الدوام.» ويحفز بسمارك خوفه من هذه الممكنات إلى التفكير في وضع سياسي عام، «تحتاج به إلينا جميع الدول ما عدا فرنسة، ولا يساورها به أي ميل إلى التحالف ضدنا نتيجة لصلاتها المتقابلة».

ذلك هو مبدؤه السياسي الأساسي مستشارا للإمبراطورية الألمانية، وذلك المبدأ هو نتيجة للعوامل الثلاثية الآتية وهي: وضع ألمانية وحسد أوروبة وتصادم مصالح الدولة، وهنا يبرز لاعب الشطرنج الواقعي الأكبر بسمارك، ويعرف بسمارك أن يميز الضروري من المشتهى، ولا يريد بسمارك أن يضم قرية واحدة عن كرامة، ولا يرى بسمارك أن يعرض سلامة وطنه للخطر رغبة في السيادة العالمية، ولا ينفك بسمارك يفكر في إمكان تألب الدول العظمى على ألمانية، فلا يألو جهدا في منع ائتلاف الروس وإنكلترة الطموح، وفي منع ائتلاف فلاحي النمسة وفرنسة الطموح.

ولا يثق به أحد في العالم الخارجي، وتجد إجماعا في رسائل ملكة إنكلترة وتقارير سياسيي روسية وخطب زعماء فرنسة على الحذر من رغبة بسمارك في السلم، وقد تجمعت تعابير الخوف والحقد ضد «الفاتح» والعالم ينظر إليه بهذه العين، أفلم يكن ذلك الرجل الذي قضى على السلم الأوروبي ثلاث مرات في سبع سنين بحروبه التي انتهت بالضم؟ أفلم يقم تمثالا عظيما في قلب أوروبة حيث كان تصدع الألمان في ثلاثة قرون يزود جميع الجيران بفرص ممارسة مهن الفساد؟ لقد تم النصر له في الداخل ثم في الخارج بالدم والحديد، فكيف يمكنه أن يحفظ سلامة ذلك الكيان الذي أوجده بقوة السلاح على طريقة نابليون إذا لم يقم بفتوح جديدة؟ ويدعوه قومه بالمستشار الحديدي!

وإدراك شعبه لطبيعته قليل جدا، وقد أدى هذا إلى ذلك الخطأ الذي صار مؤذيا لاسم ألمانية مع الزمن، فارجع البصر إلى خلقه وأحواله النفسية المعقدة تجد ما يكفي لإظهار ذلك الإجحاف، ومن يبحث في برقياته ورسائله وأحاديثه يكن لديه من الأدلة ما يؤدي إلى حكم صحيح، ومن يلق نظرة عامة على عهد مستشاريته الذي دام عشرين سنة يبصر صدق هذا الرأي، ويكتب في مشيبه مذكراته فيسأل عن إمكان قيام الوحدة الألمانية بغير تلك الحروب الثلاث، فلما دون فيها حوادث سنة 1849 لم يجادل في ذلك الإمكان، والذي لا مراء فيه هو أنه لم يقم بتلك الحروب وصولا إلى فتوح، وأن هذه الفتوح لم تكن غير نتائج لما تم فيها من انتصارات، وما أشبهه بالذي دلله الحظ فوجد في طريق طموحه نساء فضمهن إليه لملاءمتهن ذوقه!

ناپیژندل شوی مخ