273

بسمارک: د یوه مبارز ژوند

بسمارك: حياة مكافح

ژانرونه

فونتان (1881): «يتمخض الشعب عن عاصفة صماء ضد بسمارك بالتدريج، وتتوعد الزوبعة بين الأوساط العليا منذ زمن طويل، وريبه لا تدابيره هي التي تقوض دعائمه، وهو رجل عبقري عظيم لا رجل كبير.» وفي 1893: «يجب أن نذكر دوما ما حققه من أمر جلل إذا أردنا ألا نيأس بتلك المتناقضات، وأراه أكثر الناس لفتا إلى النظر، ولا أعرف شخصا أدعى إلى الاهتمام منه، ولكنه يشق علي أن أجده يحاول خداع الآخرين دوما، وما فيه من رغبة في إخضاع الآخرين فجالب للنوائب.» وفي 1895: «هو رجل كامل ورجل مراوغ معا، وهو في آن واحد بطل وساذج لا يود إيذاء ذبابة، وهذا هو الذي يثير في مختلف المشاعر ويحول دون إعجابي الخالص القلبي به، وأراه عاطلا من أمر، وأراه محتاجا إلى شيء فيه سر العظمة.»

ويبصر نيتشه مبذلة فيقول: «بلغ الألماني ذات يوم سبب الذوق السليم مع مباذله، وماذا حدث مع الأسف؟ شد ضمن ثيابه الضيقة تاركا نهيته لخياطه بسمارك!»

ولبسمارك مع ذلك ملاحظات عميقة حول المؤرخين؛ «فالمؤرخون صنفان؛ فالصنف الأول يصفي مياه الماضي تصفية نبصر بها القعر، وإلى هذا الصنف ينتسب تاين، والصنف الثاني يعكر تلك المياه، وإلى هذا الصنف ينتسب سيبل.» وبسمارك قال هذا مع مدح سيبل إياه وحملة تاين عليه، وما كان يتصف به بسمارك من نظر ناقد فيؤدي إلى تمييزه أعاظم رجال العصر، وبسمارك هو القائل: «إن المؤرخين لا يبصرون إلا من خلال نظاراتهم، والذي يجعلني كثير التقدير لكارليل هو معرفته كيف ينفذ روح الآخرين.»

الفصل العاشر

كان قصر فردريكسروه فندقا قديما، وكان أصحاب الثراء من أهل همبرغ الذاهبين يوم الأحد إلى ساشنفالد يأكلون وينامون في ذلك المكان الذي قضى بسمارك فيه كثيرا من أيام مستشاريته ومعظم السنوات العشر الأخيرة من عمره، وبسمارك إذ ينتقل من شونهاوزن إلى فارزين ومن فارزين إلى فردريكسروه، تغدو محال إقامته غير شبيهة بقصر أو برج وإن تدرج مرتبة من شريف إلى بارون فإلى أمير، ولم لم يرد أن يقيم لنفسه منزلا فخما في غابته الجديدة؟ ولم لم يصلح الفندق القديم الذي ظل عدد غرفه أكثر من عدد أبوابه، ولم لم يمل إلى إنفاق نقود وبذل مجهود في تجميل منزل آله وهو الفخور بآبائه؟ أجل، قد بيعت كنيبهوف التي ما فتئ يذكرها والتي ما انفكت تكون المكان الوحيد الذي أحبه، غير أنه يستطيع أن يطلبها إلى آله، ولم يزل مالكا لمسقط رأسه شونهاوزن، ولم يكن ليعرف همبرغ عندما جاء ليستقر بجوارها، وكانت فارزين قفرا روائية مثل فردريكسروه، وكان المسكن هنالك داكنا من غير أن يكون سيئا، وبين هذين الملكين كان يوزع أضيافه.

وكان بسمارك يقصر حبه الوطني على بوميرانية، وقد امتد شعوره بالطبيعة إلى ما بعد هذه الولاية الشمالية، والغابة أينما كانت هي وطنه، والغابة عزيزة عليه سواء أكانت في هنغارية أم في روسية أم في دانيماركة، ولم يعتم بسمارك أن صار ولوعا بساشنفالد ولعه بالغابة المعروفة المحيطة بفارزين، وفي الغابة وحدها كان بسمارك يتحرر من سلطان غايات حياته، وبسمارك في شيبته كما في شبابه كان يجد في الغابة ما يرضي خياله ومناحيه الشعرية.

ومن قول بسمارك: «أحب الأشجار؛ فالأشجار أجداد، ولولا حبي الجم للأشجار ما عرفت كيف أعيش، وما بهجة الطبيعة إلا هبة من الآلهة لا يمكن المرء أن يظفر بها ما لم يدركها، وأميل إلى عدم الثقة بمن لم يحب الطبيعة، وإذا ما هيئ لي أن أنام جيدا حلمت بشجر الشوح

1

المغروس حديثا والذي يبدو في الربيع أخضر غضا مبللا بالندى، ثم أفيق منتعشا نشيطا، ويمكن الإنسان هنا في الغابة أن يطوف عدة ساعات راكبا عربة وأن ينتقل بين مقعد ومقعد وأن يسرح طرفه في النباتات الوارفة

2

ناپیژندل شوی مخ