255

بسمارک: د یوه مبارز ژوند

بسمارك: حياة مكافح

ژانرونه

يبلغ بسمارك الستين من سنيه، فيبصر - بمرارة ممزوجة بسرور - ثبات ما كان عليه من كره للناس ابنا للعشرين من عمره، ويقول للوسيوس: «إذا ما كنت فوق السرير ولم يخالط عيني نعاس ذكرت في الغالب ما اقترف نحوي من ذنوب قبل ثلاثين سنة فلم تكفر، فأتميز من الغيظ وأحلم - شبه نائم - بمقابلة المثل بالمثل، ومن ذلك ما كان من معاملتنا في معهد بلامان حيث كانوا ينبهوننا بوخز السيف.» ومن يثب وهو نصف نائم فيمسك خناق معلمه بعد خمسين سنة يتعهد عداءه الطبيعي حتى يشتد فيتعطش إلى الانتقام، وهو كما لاحظه بنسن «يكون أشد من الطغاة حقدا وحبا للانتقام، ويظهر صغيرا في الأمور الصغيرة».

والآن يكدس التهم ضد جميع من هم على خلاف رأيه فيؤذونه، ويبلغ السبعين فيتهم كل أثيم، ولديه نماذج مطبوعة لتملأ في الأحوال المستعجلة بتهم القذف، وهو يدعو هذا إرهابا، ومن النادر أن يجرؤ أحد على مقاومته، حتى إن مومسن المتهم بالقذف كان من الضعف ما أنكر معه الكلمات التي تفوه بها في خطبة انتخابية، فقال بسمارك شامتا: «أجل، قد يكون الاتهام مختلا، ولكن بما أن مومسن قد انحط إلى درجة الإنكار؛ فإننا نكون قد فزنا في اللعب.»

ومما حدث أن نشر صاحب جريدة «كلاديراداتش» الذي كان بسمارك مغرما بمداعبته حول مائدة الأسرة ذما بريئا ضده، فلم يلبث بسمارك أن اتهم هذا الصحافي وسجنه، ويحادث بسمارك قطبا سياسيا روسيا، فيأتيه بالاعتراف الآتي المثير للحير: «إن الغضب يستولي علي في بعض الأحيان، وأسوأ من ذلك أن يفقدني صوابي».

ويموت لاسكر في أمريكة، ويقرر المؤتمر

1

الأمريكي مشاطرة الأمة الألمانية أساها، ويبرق بذلك إلى مستشار الريخ فيمتنع هذا المستشار من نقل برقية تأبين خصمه الميت هذا إلى الريشتاغ معيدا البرقية إلى وشنغطن، وتساوره الريب، فلما كان يتنزه في حديقة المستشارية ذات مرة وأبصر نورا في غار وقف حالا وسأل: «ما هو سبب هذا الضياء؟ لا أحد يسكن هنالك، ألا ترونه بؤرة لصنع نقود زائفة؟»

ويرى بسمارك أن كل رأي مخالف لا يصدر عن غير سببين، لا يصدر إلا عن خبث أو رغبة في الارتقاء، ولا مراء في أن البلاطات والسفارات ووزارات الدولة صارت مراكز خطرة للدسائس، فلما كتب بسمارك مذكراته في شيبته جعل «الدسائس» أطول فصولها، ويظل أمر أرنيم أشهرها.

وكيف لا يعطف المرء على رفيق صبا بسمارك: أرنيم؟ فهذا الدبلمي الذكي كان مختالا متصنعا متخبطا متخوفا متزعزعا، وكان أسدا في رداه الاستقبال وعازفا ممتازا على البيان، وكان طموحا منذ زواجه المغني، وكان مشخصا متظاهرا بعدم الاكتراث ، وكان ولوعا بذكر مكيافيلي، وكان ثرثارا في غير لغة، وتدور الخمر في رأسه ذات ليلة فيسر إلى بسمارك بقوله: «أعد كل شخص يقف في سبيل تقدمي عدوا شخصيا لي فأعامله بهذه الروح، ولكنني لا أبدي له ذلك ما دام رئيسا لي!» وبسمارك قال عن أرنيم: «إنه ذو رأس جميل، ولكن يعوزه خز في الخلف» وكان هذا قبل تخاصمهما.

وبسمارك كان يعد مرءوسه أرنيم من ذوي القرائح، فأرسله سفيرا إلى كورية الرومانية ثم سفيرا إلى باريس، ويغدو أرنيم كونتا في غضون ذلك، ويتقدم بأسرع من تقدم غيره، ولا يخامره ريب في أنه سيكون مستشارا فينشد الحظوة لدى الإمبراطورة أوغوستا، وتعده أوغوستا هذه صديقا للكاثوليك والفرنسيين وتمتدحه متكلما بارعا، ويود أن يكون كما كان بسمارك وإن لم يرد أن يميز نفسه في حضرة أوغوستا.

ويرغب بسمارك في تأييد النظام الجمهوري في فرنسة ومنع فرنسة من أن تتقوى برجوعها إلى نظام ملكي، وفي باريس يعمل أرنيم إذن ضد تيار وغيره من الجمهوريين، ومن باريس يرسل أرنيم كتبا خاصة إلى الإمبراطور ولهلم للتأثير فيه، ويحول الإمبراطور البسيط النزيه هذه الكتب إلى المستشار كما كان يحول رسائل غولتز إلى وزيره بسمارك في غابر الأيام.

ناپیژندل شوی مخ