الكونت هولنشتاين إلى فرساي بما يمكنه من السرعة.
وكان الجمع يحتفل هنالك بعيد ميلاد إحدى الأميرات، ويتلقى أمير بافاري «أمرا، غير محبب إليه طبعا، بأن يقدم الكتاب إلى الملك قبل العشاء ببضع دقائق»، «وهل الكتاب رسمي؟ فعلى بسمارك أن يقرأه قبل سواه؛ لأن ذلك من أعمال منصبه»، وبعد العشاء يسلم الملك ولهلم الكتاب إلى بسمارك ويأمره بأن يقرأه بصوت عال لنفسه ولفردريك، ويتلو بسمارك الكتاب الذي هو من إنشائه بجد، وماذا يكون قول المرسل إليه؟ لم ير ولهلم أن يداري شعور المرسل الغائب، ولا غريب هنالك، فيصرخ هذا الملك الشيخ غاضبا قائلا : «أتاني هذا الكتاب في وقت غير ملائم!» ويروي فردريك أن الملك «فقد صوابه وخارت قواه مما احتواه هذا الكتاب».
ثم يصرف ولهلم فردريك وبسمارك من غير أن يدور في خلده أمر المؤامرة، ويشعر ولي العهد في خارج الغرفة بنفاذ رغبته كما يلوح فيصافح بسمارك ويسجل وقت المساء في يوميته قوله: «اليوم تم أمر الإمبراطور والإمبراطورية بما لا ينقض، والآن انتهى الدور المرهوب الذي لم يكن فيه إمبراطور، وفي هذا اللقب النبيل ضمان كاف.»
ويبدي الإمبراطور مقاومة سلبية في البداءة، ولا يجرؤ أحد على مخاطبته في أمر التاج الجديد؛ لزهده فيه، ولكن كل شيء كان معدا، والآن يمكن الأمة أن تقول: «آمين»، ويمثل الفصل الثاني من المهزأة في الريشتاغ، فيؤذن إلى أحد النواب في السؤال عن إمتاع الشعب بعاهل عال، وهنالك «يقرأ دلبروك بصوت جهير رسالة ملك بافارية، فكأنه أخرج تاج ألمانية الإمبراطوري الشقي من جيب سرواله ملفوفا بجريدة»، وعن هذا يقول بسمارك: «أجل، إن هذه الأغنية الإمبراطورية الصغيرة كانت تقتضي مديرا أكثر براعة وتمثيلا أعظم تأثيرا.»
ويدعى ثلاثون نائبا من الريشتاغ إلى فرساي، لا لعرض التاج الإمبراطوري، بل لالتماس قبوله، ويبدي اللندتاغ البافاري ميلا إلى عدم الموافقة على المعاهدة، ويصب الملك ولهلم غضبه على «الوفد الإمبراطوري» فلما وصل هذا الوفد مساء صرح الملك بأنه لا يقابله ما لم يقدم جميع الأمراء إليه طلبا رسميا خطيا، «وذلك خشيه أن يلوح أمر إقامة الإمبراطور والإمبراطورية صادرا عن الريشتاغ أكثر من صدوره عن الأمراء».
ويروي ولي العهد أن رجالا من البلاط تساءلوا جهرا: «لماذا جاء هؤلاء إلى هنا؟» ويكتب رئيس الشرطة في المقر العام ستيبر إلى زوجه قائلا: «يبدو الفتور على حزب البلاط والحزب العسكري، وأما أنا فإنني أمثل الشعب الألماني هنا.» وستيبر هذا إذ كان شيوعيا في غابر الأزمان حق له أن يضيف إلى ذلك كلمة: «يا لها من أوقات عجيبة!»
ولم يبق لتمام الأمر غير مقابلة ممثلي الريشتاغ، ولكن الأمراء والقواد لم يقرروا الحضور إلا قبل الاحتفال بساعة واحدة، فيصلح المسرح بدائرة الشرطة في أثناء ذلك، ويقول ولي العهد متلهفا: «إن من المؤسف ألا تستعمل المرقاة المرمرية الرائعة في هذا النهار.» ويلقي الفاضل سيمسون خطبة، ومن المحتمل أن يكون قد ذكر ما نطق به منذ إحدى وعشرين سنة من كلمة أمام أخي ولهلم، الملك الراحل، حين عرض ذلك التاج عليه فقوبل بالفرض فأثار هذا دهشته، ثم تلا سيمسون طلبا مشتملا على القول: «إن ريشتاغ شمال ألمانية يلتمس - متفقا مع أمراء ألمانية - أن تتفضل جلالتكم فتبارك الوحدة الألمانية بقبول التاج الإمبراطوري الألماني.»
ويدع جواب الملك الوضع الشرعي «سديميا»
7
كذلك الالتماس، فقد قال ولهلم: «أبصر النداء الرباني في صوت أمراء ألمانية والمدن الحرة الإجماعي وفي رغبة الأمة الألمانية وممثليها الملائمة لرغبة الأمراء، فأرى تلبيته معتمدا على نعمة الله.» وهكذا ترى للأمراء أصواتا، ولا ترى للرعية غير رغائب، وهكذا يموه «القذر والمدر» بالتبر، وتمثل ألمانية في هذه المرة بيهوديين؛ وذلك لأن ما تلاه سيمسون هو بقلم لاسكر، وقد قال الملك بعدئذ: «أراني مدينا للهر لاسكر دين شرف!»
ناپیژندل شوی مخ