ويبصر بسمارك جميع هذا بأقل من لمح البصر، ويزن بسمارك هذا ويقدره، فيعرف كيف يتخلص من المعضلة، فيجيب عن ذلك بعبقريته قائلا: «ربما».
وفي نهاية شهر نوفمبر، وبعد إعداد لأوليات الوحدة الألمانية؛ صار التاج هو الشيء الوحيد، وحول هذا الأمر دام كفاح الجميع ضد الجميع، فانحط إلى مهزأة كقصة للإمبراطورية لم تعرف أوروبة مثلها منذ رفض قيصر الأول للتاج ثلاث مرات، وكان جميع الأحرار معارضين لمبدأ إقامة إمبراطورية، حتى إن فريتاغ قاوم انتحال ذلك اللقب الذي يوحي بسيادة العالم والذي يعني «بعثا لمثالية باطلة» وكان جميع ملوك ألمانية ومعظم أمرائها مناوئين له عن حسد، وكان الرئيس الذي هو موضوع التاج أكثر من أولئك كلهم مخالفة لذلك، وهل كان منذ عشر سنين يتوج نفسه بيده فتأتي الآن جوقة الأمراء ثم يأتي الشعب ليقدموا إليه تاجا آخر كان أخوه قد رفضه داعيا إياه تاجا من قذر ومدر؟
2
وكان الملك ولهلم يقول مفكرا في أجداده وفي بلوغه الرابعة والسبعين من عمره وعازما على مقاومة كل غصب من ذلك الضرب:
3 «إنني بروسي.»
وقال الملك ولهلم الذي كان ضابطا في الجيش قبل كل شيء: «وما الذي يغريني بمثل هذا اللقب الذي أكون به كمن يلهو لابسا ثياب التنكر في حفلة رقص؟» فلم يسع بسمارك إلا أن يجيب عن هذا ماجنا: «لا ترى - يا صاحب الجلالة - أن تبقى مجردا إلى الأبد، أي رئاسة!»
وقال الملك المتواضع لابنه في عيد ميلاده: «إن أبغض شيء إلي وأثقله علي هو أمر اللقب، ولا يسعني إلا أن أذكر أن توحيد ألمانية على مقياس واسع كان أهم مقاصد صاحب الجلالة أخي الملك الراحل، ولا يسعني إلا أن أحمد الله على أنه رفض ذلك التاج الورقي عندما عرض عليه! ... وعلي أن أرى، على الرغم من كل شيء، وذلك ببصري البروسي، تواري ذلك اللقب الذي كان شاهدا على ما بلغ من شأو بعيد في ميدان المجد، أمام لقب آخر ظل خصما لبروسية مدة قرن ... فالأقدار تأتمر بي.»
وكان شارلمان قد شعر منذ ألف سنة بمثل شعور ولهلم العتيد، وكان من المباغتة أن توجه البابا مع رغبته عن التاج، فقال بعد ذلك: «لو كنت أعلم مقدما عزم البابا ما دخلت الكنيسة على الرغم من الاحتفال العظيم الذي أقيم فيها.»
والواقعي بسمارك قاوم مبدأ «صنع إمبراطور» في البداءة، وبسمارك في شهر أكتوبر كلم ولي العهد عن روعة البلاط البروسي القديم، ولكن بسمارك صار يتحمس للمبدأ الإمبراطوري رويدا رويدا معترفا بأن اللقب الإمبراطوري عنصر نافع للوحدة والمركزية.
وكان معظم البيوت الألمانية يقول بإقامة إمبراطورية، شأن دوك بادن الأكبر، وشأن ولي العهد قبل كل إنسان، وعن ولي العهد يقول فريتاغ الذي كان يصاحبه في ذلك الحين صحبة وداد فيحادثه كثيرا: «كان ولي العهد يرى تجهيزه هو وزوجته بتاج جديد وبسلاح جديد على جانب عظيم من الجد، وأقصد بهذا أنه كان أول مبشر بالنظام الألماني الجديد، وأنه كان الباعث الرئيس على إقامته.» وولي العهد فردريك هو الذي عمل عند افتتاح الريشتاغ الأول على إدخال الكرسي القديم الخاص بتتويج أباطرة السكسون إلى الاحتفال الحديث، موجبا بذلك عجب النواب.
ناپیژندل شوی مخ