ويشتد الأمر في أواسط سنة 1863، وفيما كانت ألمانية بأسرها تهتف لدوك أوغوستنبرغ الشاب تقديرا لعزمه على تخليص أرض ألمانية من دولة أجنبية؛ نهض بسمارك على رجليه في اجتماع مجلس الدولة مقترحا ضم ذينك البلدين، ويرفع الملك بصره ويقول: «ولكن ليس لي حق في تينك الدوكيتين!»
بسمارك :
وهل كان للناخب الأكبر، وهل كان للملك فردريك حق أعظم من ذلك في بروسية وسيليزية؟ فآل هوهنزلرن جميعهم قد وسعوا رقعة الدولة!
ولم يجب الملك عن ذلك، ويرفع ولي العهد يديه إلى السماء كما لو كان يشك في سلامة عقل المتكلم، ويلزم الوزراء ومنهم رون جانب الصمت، وينتقل المجلس إلى جدول الأعمال، ويقرأ بسمارك المحضر فلا يجد ذكرا لاقتراحه فيذكر السكرتير أن هذا الإهمال وقع بأمر الملك الذي رأى أن بسمارك نفسه يفضل عدم تسجيل ما قال، ويقول بسمارك: «إن صاحب الجلالة - كما يظهر - أبصر أن ما أعربت عنه كان بتأثير غداء خمري فيسرني ألا أسمع شيئا مما قلت، بيد أنني أصر على تسجيل اقتراحي في المحضر.»
وفي ذلك الحين يكتب بسمارك قوله: «إن منهاجي الراهن في السياسة الخارجية هو كمنهاجي في غابر الأزمان، حين كنت أذهب إلى صيد الدجاج البري، وحين كنت لا أتقدم خطوة قبل أن أختبر التراب الذي أمشي عليه فأعرف قدرته على حملي.» والذي لا ريب فيه هو أنه لما كان من جزر ومد في مسألة شليسويغ؛ استطاع أن يسير النمسة فيجذبها إلى جهته في البداءة ثم ينفصل عنها ليتمكن من طردها من الجامعة في النهاية، فلولا دوبل
4
لصعب أمر كونيغراتز،
5
ولكن هذه الطريق تؤدي إلى شفا الهاوية بأوروبة، ولبسمارك عين لا تغفل عن مراقبة أحوال الدول العظمى أبدا، على حين يراقب الملك بالعين الأخرى مراقبة مروض الأسود، ويلوح غير مرة أنه يخسر اللعب الذي يدعوه بمكيدة الكاتب، وإذا كان من الصواب قول المثل التركي إن الحظ حليف العفيف؛ وجب أن يكون بسمارك في الدرجة القصوى من الفضيلة لعدم مفارقة الحظ له في تدابيره تقريبا ولا سيما ذلك التدبير الذاتي.
ولو هاجم بسمارك دانيماركة وحده، ومن فوره لوجد النمسة وراءه وأوروبة أمامه، وبسمارك، بدلا من ذلك، أنبأ وزير خارجية النمسة الكونت رشبرغ بأنه سيقوم بإنقاذ الدوكيتين الذي هو أكثر الأمور شعبية في ألمانية، فحمله بذلك على الانحياز إلى جانبه، فصار بسمارك لهذا الحليف القوي لا يبالي بالجامعة الألمانية، ويسكن بال أوروبة التي كانت ترى في تباغض دولتي ألمانية العظيمتين ضمانا تجاه نيل إحداهما فوزا شاملا على الأخرى، وهكذا يجعل النمسة حليفة وأوروبة محايدة بعمل واحد، وهكذا يزول شبح حرب عامة بشهر بروسية والنمسة الحرب معا على دانيماركة، وهذا هو الذي استطاع بسمارك أن يكتبه حتى قبل بدء تلك الحرب فعلا:
ناپیژندل شوی مخ