5
وما إليها من الدود، وبينما كنت أتأمل نشاط تلك المخلوقات الصغيرة كنت ألاحظ من بين اللهب
6
في شلربلاتز الملك جالسا على مقعد.» فلما عاد بسمارك إلى المنزل وجد كتابا من الملك يطلب فيه أن يوافيه في شلربلاتز للمناقشة في زيارة الإمبراطور. «وكان ذلك بعد فوات الوقت، فلو قضيت وقتا أقل مما قضيت في ملاحظة ذلك الحادث الطبيعي فأتيح لي الاجتماع بالملك مبكرا لكان لاقتراحات الإمبراطور أثر آخر فيه غير الذي كان لها في بدء الأمر على ما يحتمل.
فلم يلاحظ الملك أن تلك الدعوة المفاجئة لمدة قصيرة تتضمن معنى الاستخفاف، ومن المحتمل أن يكون الاقتراح النمسوي قد راقه لما اشتمل عليه من تضامن الأمراء، وتحثني الملكة الأيم إليزابت على الذهاب إلى فرانكفورت، وأجيب عن ذلك بقولي: إن الملك إذا ما رأى ذلك ذهبت إلى هنالك وقمت بأموره، ولكنني لا أعود وزيرا، ولا ترتاح الملكة لذلك الاتجاه، وتكف عن معارضة رأيي لدى الملك، ولم يكن ليسهل علي أن أحمل الملك على الابتعاد عن فرانكفورت، وقد ظننت أنني أقنعت الملك عند وصولنا إلى بادن، ولكننا وجدنا هنالك ملك سكسونية الذي جدد الدعوة باسم جميع الأمراء، ويجد مليكي مشقة في مقاومة تلك الحركة، ويكرر كثيرا قوله: أرى ثلاثين أميرا مالكا وملكا ساعيا! وأقنعه برفض الاقتراح بعد أن تصبب العرق من فوق حاجبي، وكان مستلقيا على متكأ وكان يسكب سخين العبرات، وقد بلغ مني الجهد في جعله يرفض ذلك الاقتراح فصرت لا أستطيع الوقوف بلا صعوبة، وغادرت الغرفة مترنحا وغدوت في حال من الانفعال والهيجان ما أحسست معه انفصال يدي عني عندما أغلقت الباب من الخارج!»
ويرسل بسمارك كتاب الرفض إلى المرسل إليه، ويكسر طبقا موضوعة عليه أوان زجاجية، ويقول: «لا معدل لي عن تحطيم شيء، والآن أتنفس مرة أخرى!»
ولنا بذلك الحلقة الأولى من سلسلة متشابهة المشاهد، يتألف منها تاريخ اصطراع بسمارك وولهلم كوعيده الذي وجهه إلى الملكة الأيم، وكتنويره ببطء بصيرة الملك العزيز الذي لم يبصر استهزاء النمسة به، وفيما كان وزيره بسمارك يرقب القراقف ذات الأذناب الطويلة فيبدو شبه عالم طبيعي وشبه أمير مالك ويحسب مقدار ما تحتاج إليه مملكة الطيور من الدود للتغذية؛ كان الملك يعد ابن خاله بأن يصبح ثاني أمراء ألمانية في أربعة أسابيع، ويبكي ولهلم الشيخ لما كان من رفضه ذلك مع أن ملكا جاءه ساعيا، ويغدو الرجل الحديدي بسمارك كتلة أعصاب، فكان لا بد له من كسر شيء تنفيسا عن نفسه وإن خرج فائزا، وهكذا يرتبط أحد الرجلين في الملك الوراثي، ويرتبط الآخر فيه برابطة الولاء والطاعة، والآن حين يبدآن ببناء البيت الألماني معا يلوح تعذر قدرتهما على إتمامه مع كثرة العوائق.
وكانت تلك آخر محاولة قامت بها النمسة لتظل زعيمة ألمانية، ثم تبدو مسألة شليسويغ فتكون مقدمة هجائية لمأساة.
الفصل الخامس
ولم يكن لعبقرية بسمارك منافس في ذلك الدور، ولم يكن الملوك والقياصرة ليقدروا على التفكير أو السير، فكانت التجربة تعوز فرنسوا جوزيف، وكان نابليون ضنى،
ناپیژندل شوی مخ