عرش يهتز ...
التقت قوات الغزو البرية والبحرية على جانبي مضيق كليبولي، ثم لم يلبث الجند أن وثبوا من شاطئ إلى شاطئ، فإذا هم تحت أسوار القسطنطينية، لم يلقوا كيدا، ولم يعترض سبيلهم أحد، فحطوا رحالهم في ذلك الوادي الأفيح، وأخذوا يقيمون المضارب وينصبون الخيام، ويعدون لإقامة طويلة المدى، قد أقسموا لا يعودون إلى أهليهم وديارهم إلا إذا فتحوها ووطئوا بساط قيصر، وأذنوا في «أيا صوفيا» وأقاموا الصلاة ...
ونصبت للأمير خيمة من ديباج على شرف من الأرض، وبسطت فيها البسط، وانتثرت الطنافس، ثم أقيمت مضارب الجند، حيث رسم الأمير ... •••
وقال مسلمة يخاطب جنده:
أما بعد حمد الله والصلاة على نبيه، فإنا لم نقطع هذه البرية، ونتجشم هول ذلك البحر من أجل غارة نغيرها، ثم نئوب قد احتملنا أسارى وسبايا، وحصلنا غنائم وتركنا على أديمها صرعى وجرحى من الروم، كما كنا وكانوا في كل صائفة وشاتية؛ فقد كان ذلك كله تمهيدا لهذه الغارة العظمى؛ لتحطيم عرش قيصر ودك معاقله، ونشر كلمة الله في بلاده، فلا معاد إلى دياركم وأهليكم إلى أن يفتح لكم، وإلا فاعتقدوها هجرة إلى دار أبي أيوب لا تبرحونها حتى يبعث الله الموتى.
1
الفتح أو الشهادة، لا غاية وراءهما، فهيئوا أنفسكم لإحدى الغايتين، لا تنازع أحدكم نفسه إلى أهله وزوجه وولده، أو يحن حنين النيب إلى أعطانها،
2
فلا وطن لكم إلا ما أنتم فيه، فاتخذوه مقاما حتى يأذن الله بالفتح ...
ألا وإن الروم قد حصنوا أسوارهم وملسوها وطاولوا بها حتى لا مطمع لناقب أو متسلق أو واثب؛ فلتدعوهم سجناء وراء أسوارهم هذه لا يدخل إليهم داخل، ولا يخرج منهم خارج، حتى ينفد الزاد والعتاد، ويبلغ منهم الجهد، فيطلبوا السلامة ويلقوا السلاح ويفتح لكم.
ناپیژندل شوی مخ