بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
ژانرونه
1
أو الذين لم يتمكنوا من الحكم على الأتراك كما هم لأنهم لم يخالطوهم، بل مروا في ديارهم مرا.
إني أعرف سوريا منذ سنة 1803، فأقمت فيها عدة مرات، وأطول إقامة كانت مدتها عشر سنوات؛ وبناء على ذلك يمكنني التأكيد بأن سكانها لا يزالون في مختلف شئونهم وأحوالهم على ما كانوا عليه قديما، لم يغيروا شيئا من عاداتهم وتصرفاتهم وأخلاقهم. وكيف كان يمكنهم أن يتغيروا؟
2
إنهم لا يستطيعون - كما يريد «لامارتين» لمواطنينا في فرنسا - أن يفهموا معنى الحياة ويتحركوا للأعمال التي يأتي بها العلم كل يوم؛ فالثقافة صعب تعميمها بينهم وجعلها في متناول جميع الناس؛ فالبلدان هنا محرومة من الجرائد، لا يذاع ولا ينشر فيها شيء. لا تجد شخصا واحدا يتعاطى الكتابة ولو على سبيل التسلية، والقصاصون الذين يتولون كل مساء - خلال ساعة - تسلية عاطلي المقاهي يستقون معلوماتهم القصصية من مخطوطات بالية مبتذلة.
فإذا كان لا بد للشرقي من أن يفكر، فإنما يكون تفكيره في مشاغله البيتية أو التجارية، ولا يشغله شيء آخر في هذا العالم غير هذه. إن تسليمه لمشيئة القضاء والقدر يعيده بسرعة - في كل الأحوال - إلى هدوئه المعتاد الذي هو مزيته الغالبة على طبعه.
أعرف تركيا كان يكن لي كثيرا من الثقة، ويستشيرني في الأعمال التي تهمه، وفي ذات يوم اضطرته مصالحه التجارية إلى إيفاد ابنه الوحيد إلى قبرص، فسألني أن أحمله وصاة إلى أحد أصدقائي فيها ليعنى بأمره، وما مضى يوم على سفر ابنه حتى جاءني مستطلعا أنباء هذا الولد الذي كان متزوجا وأبا لأولاد. ولسوء طالعه كان هواء لارناكا الموبوء شؤما عليه؛ فجاءنا - ويا للأسف - خبر وفاته. ارتبكت جدا ولم أدر كيف أواجه صديقي بهذا النبأ الأليم خوفا من تفجعه العظيم. وأخيرا، نزلت على اقتراح أحد تراجمتي، فتوجه إليه وأعرب له عن مشاركتي إياه ألم هذا المصاب، ودعاه إلى احتماله بجلد. إلا أنه عندما رأى موفدي تقدم منه وقال: لقد آلم صديقي القنصل هذا الحادث المفجع الذي حل بي، أوليس كذلك؟ هذا مؤكد عندي. إنا لله وإنا إليه راجعون. أبلغوه تمنياتي القلبية، لا ابتلاه الله بمثل هذا المكروه. قولوا له أن يتعزى لمصيبتي.
وهكذا استغنى الترجمان عما أعد من الجمل الطنانة، واضطر إلى الانسحاب دون أن ينبس ببنت شفة؛ لأن موقف هذا الشخص الهادئ المستسلم قد ضعضعه تماما.
قلت سابقا: إنه لم يكن عند المسلمين مجتمعات حقيقية؛ فالأشخاص الأشد حبا للاجتماعات والمجالس ينسحبون إلى منازلهم عند غروب الشمس ليتعشوا فيها، ثم لا يبرحونها. قلما يسمحون لأنفسهم بالقيام بنزهة صغيرة على الأقدام، وإن فعلوا فتلك النزهة لا تتعدى المدافن أو إحدى الروابي غير البعيدة عن المدينة. إنهم كانوا يخشون - إذا ابتعدوا - أن يقلقوا بال الحكومة لأن السلطة كانت حذرة جدا.
3
ناپیژندل شوی مخ