248

بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

ژانرونه

إن الجبليين يميلون كثيرا إلى الفخفخة؛ فهم لا يملكون إلا الملبوسات والأسلحة . واللبنانيون يحبون كثيرا تقديم الهدايا، حتى في زياراتهم البسيطة التي يقومون بها؛ ولذلك يقولون إن اليد الفارغة كريهة الرائحة. يجب دائما تقديم هدية للسلطة التي تحكمهم. ويزعمون أن هذا التقليد مستوحى من وصية موسى للإسرائيليين، وهي أن لا يأتوا إليه فارغي الأيدي.

لم يعد من أثر في الجبل لليزبكية والجنبلاطية اللتين قامتا مقام اليمنية والقيسية. إلا أن البلاد انقسمت بعد وقوع الحوادث الأخيرة إلى دروز ومسيحيين. وأهالي بيروت بصفتهم يمنيين كانوا أعداء الجبل.

العدل في بيروت خاضع لتأثير ذوي النفوذ الذين يرجحون دائما كفة الميزان؛ وهكذا لا يكفل الحق ربح القضايا الخاضعة لأحكام القضاة.

ذهب شخص - بعد أن حكم عليه في دعوى رغم توافر حججه وبراهينه - إلى كنيسة قريته وأخذ يدق الجرس دقات حزن، وعندما رأى الناس يتراكضون متسائلين عن الرجل المتوفى، قال: «إنه الحق! ولما كان الحق شخصا هاما فقد أحببت أن أعرب عن الأسف الذي أشعر به عند موته في فترة أنا بحاجة فيها إلى مساعدته وحمايته.»

إني أقول - اعترافا بالحقيقة - إن أعمال رجال الأمن يمكن المفاخرة بها رغم عنايتهم القليلة؛ فالرأي العام مطبوع على حب الفضيلة والشرف؛ وهكذا فقلما يذنب شخصان من الجنسين المختلفين إلى شرائع الطبيعة. وإذا كانت العادات العامة قد فسدت فإنما ذلك يكون في القرى المجاورة لبيروت؛ فيتوجب علينا إذن أن نعزو إلى هذه الضاحية ما قلته عن نساء لبنان؛ إذ إن هنالك اختلافا بين اللواتي يسكن الساحل، والأخريات اللواتي يعتصمن بالجبل.

أما إذا توفي شخص فيخطر على الأثر عموم الأقارب والأصدقاء والمعارف، فيهتم هؤلاء بإيواء المعزين الوافدين من القرى المجاورة وإطعامهم. فكل منهم يصطحب إلى داره حسب مكنته شخصين أو ثلاثة. إنهم يتسابقون إليهم بعد عودة الموكب من الدفن؛ إذ قلما تكون المدافن بعيدة، لا بل تكون عادة حول الكنائس والمعابد.

وعندما يكون المتوفي رجلا مرموقا يكرم - وفقا للتقليد - إلى مدى بعيد. إن أمراء البلدة أو الضواحي يوفدون رجال حاشيتهم ليعزوا أقرباء الفقيد، وتتدافع الجماهير من الرجال والنساء لحضور المأتم، فيأتون من جميع القرى المجاورة. ولما كان لا يجوز إضرام النار في بيت الراحل، فأصدقاء الفقيد هم الذين يقرون هذه الجماهير وينزلونها عندهم.

وعند وصول كل وفد أو شخص من المعزين يتعالى صراخ محزن مقدمة لنواح تصعده النسوة الملتفات حول النعش وينهينه بتأوه شامل حاد.

والمرطبات التي تصب للمعزين يقدمها على اختلاف أنواعها الأقرباء والأصدقاء وزعيم القرية أيضا. فالأمراء والأميرات يرسلون عدة قطع من الأقمشة المزركشة بالذهب والفضة ليلف بها نعش الميت، ويلبسون الفراء كلا من أولاده، وعند عدم وجودهم يلبسها أنسباؤه الأقربون، وأسرة الفقيد تعد هذا شرفا لها. وقد تكون هذه اللفتة الأميرية في بعض الأحيان هي المكافأة الوحيدة لخدمات جلى قام بها الفقيد.

إن الجبليين الذين يتمسكون كثيرا بتقاليدهم وأنانيتهم يحاولون في مثل هذه المناسبة أن يحيطوا أنفسهم بهالة كبيرة من التقدير، وهذا ما يدعوهم إلى تكبد مصارفات لا يحتملونها ليفسحوا مجالا للتحدث عن عظمة المأتم؛ ولهذا قيل في الأبهة: أنها تدغدغ - في هذه البلدان - كبرياء الأحياء أكثر مما تخلد ذكرى الأموات.

ناپیژندل شوی مخ