239

بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

ژانرونه

1

وإذا قيل لهم إن مثل هذه الحركات البدنية صحية، يجيبون: ماذا تقول؟ أولا تتمتعون بصحة جيدة إلا إذا تأرجحتم كالمبخرة كل يوم؟

وعندما ندخل على أمير أو شيخ أو رجل وجيه يجب علينا أن نتقيد ببعض عادات فرضتها التقاليد؛ يأتي الخدم فيخلعون حذاء الغريب الداخل وينزعون سلاحه، ثم بعد أن يجلسوه على ديوان يأتون بطست ماء ليغسلوا يديه ووجهه إذا شاء، وبعد الغسل ينشفون يديه ووجهه بمنديل موشي بالحرير والقصب، ثم يبخرونه بالند الذي يحرقونه في حق، وبعد أن ينزع المنديل يخففون من حدة دخان العنبر والند برش قطرات خفيفة من ماء الورد ينضحون بها الضيف الكريم بواسطة منفخ. وبعد الفراغ من هذه العملية يقدمون له الغليون، فالشراب، وأخيرا القهوة التي لا بد منها.

القهوة عندهم أم جميع التشريفات، وهي علامة احترام الناس ... ولكني أراني هنا معيدا ما سبق لي أن قلته في فصل مضى.

وعندما تحل ساعة الفطور أو الغداء يفرش على الأرض شبه شرشف فوق الحصير أو السجادة التي تؤلف جزءا من الديوان، ثم يؤتي بالطاولة وهي عبارة عن إسكملة مدورة توضع فوق الشرشف. ثم يجيئون بكمية ضخمة من أرغفة الخبز يوازي حجم كل رغيف منها حجم صحن صغير، وهي رقيقة جدا، وهذا ما حدا أحد أصدقائي الذي لم ترقه عادات الشرق إلى أن يطلق عليها اسم القشرة. إن ألوان الطعام تقدم في صحف من النحاس دفعة واحدة، إلا اللحم المشوي إذا قدم منه، والسلطة إذا كان سيد الدار عارفا بذوق الأوروبيين.

إن بلوغنا غرفة الطعام لا يقتضينا عناء الانتقال من مكان إلى آخر، فما علينا إلا أن نحني جسمنا ونلتوي يمينا وشمالا حتى نبلغها.

يدعوك صاحب الدار إلى الابتداء بالأكل، ثم يعلمك بالمثل كيف تأكل. فلا خادم ينقل إليك الصحفة! فعلى المدعو أن يدس ملعقته في صحن الأرز المفلفل، ثم يغترف شيئا من طعام سائل يرطبه به؛ إذ لا يمكن أن يدخل البطن بدون المركبة التي تجره؛ وهكذا تظل الملاعق متنقلة من صحن إلى صحن حتى تنتهي هذه النزهة بشبعك. إن هذه الطريقة تمكننا من أكل ما نستسيغه أكثر من غيره دون أن نضايق في شيء.

الشوكات والسكاكين لا يزال استعمالها مجهولا عندهم. أما ما يحتاج إلى تقطيع من ألون الطعام كالطيور واللحم فيفسخ بالأصابع، وهذا عمل يقوم به صاحب البيت عن ضيفه.

والعرف العربي يقضي أن لا يوضع الشراب الذي يترطب به المؤاكلون على المائدة، فالخدم يحملون الأباريق والكاسات ليصبوا الماء لمن يطلبه. وإذا كان الضيف ممن تعودوا شرب الخمرة، فإنه لا يحرم منها إذا كانت موجودة في بيت نزل عليه ضيفا. أما أبناء البلاد فهم لا يشربونها عادة إلا في المرافع، وفي بعض الأعياد. وفي مثل هذه المناسبات يقومون بما يجب لها على حقه؛ إنهم لا يمزجونها بالماء، ويرون أنها تفسد إذا خفف من حدتها.

وبعد أن تقدم الفواكه والحلويات على إثر تناول الطعام تنقل بسرعة كلية إلى مرحلة ثانية. إنها فترة تتنعم فيها حاسة السمع؛ يسخرون أشهر المغنين في الجيرة ليشنفوا بألحانهم آذان المؤاكلين. وكل ذلك احتفاء بالضيف الغريب؛ إذ يتوجب أن يقام بواجبه خير قيام، وإذا أهمل شيء من التقاليد يلام المضيف. أما خير مغن عندهم فهو عادة شماس الكنيسة، وهو يقوم أحسن قيام بدوره هذا؛ لأن هذا العرف قد ابتدعه الكهنة عملا بقول مار بولس الذي فهموه حرفيا تقريبا:

ناپیژندل شوی مخ