بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
ژانرونه
يجد الرجل في بيروت فوائد جمة لا يستطيع أن يجدها في أية إسكلة أخرى على عهد اضطهاد الجزار وظلمه وبلصه؛ هذه الأعمال التي جددها عبد الله باشا بضرائبه الفادحة فقط، فاستمطر عليه غضب السلطنة العلية. كان عبد الله باشا ينقاد كثيرا لمطامعه وإرشادات مستشاريه السيئة، بيد أنه لم يكن سفاكا ولا سفاحا، وقد لوحظ أنه كان يرجع - في بعض الأحيان - عن الإجراءات الظالمة التي عمد إليها. وأستطيع أن أقول - بعد دراستي أخلاق عبد الله: إنه لو كان في بطانته صديق واحد لجعل الناس يبكون أيام حكمه.
كلفه حكمه ستة عشر ألف كيس؛ أي ما يقارب الخمسة ملايين فرنك، وهذه القيمة الفادحة يجب أن تضاف إليها الهدايا النفيسة المهداة إلى محمد علي بناء على توسطه.
إن اضطرار عبد الله باشا إلى تأييد مركزه بالمال كان وسيلة لاختراع أساليب جمعه. وهكذا وفر السلب والاغتصاب والظلم - بعد أن نهبت المدن - مبالغ باهظة لتدفع إلى صندوق خزينة عكا.
أثرى سكان سوريا على عهد سليمان باشا الأبوي - خلف الجزار - الذي دام حكمه من سنة 1806 إلى سنة 1820. كان هذا الحكم نعمة طويلة العمر تحتاج إليها الشعوب لإصلاح حالة بؤسها المؤلم، وتضميد جراحها الثخينة.
وبفضل الحياة التي كانوا يقضونها في البرية؛ أي في البساتين القائمة في الضواحي حول المدينة، كان باستطاعة كل من يسكن بيروت - من المقيمين الموقتين، الذين تدل أمتعتهم الخفيفة النقل عن استقرار غير ثابت وموقت - أن يبدلوا محل إقامتهم بالفرار والالتجاء إلى الجبل.
لم يستطع الباشوات حتى الآن أن ينتزعوا من لبنان امتيازه القديم، ألا وهو حماية المظلومين والمنكوبين.
وهذا الأمر كان أكثر الأمور بساطة لأن سلطة متسلم بيروت لم تكن تمتد إلى ما وراء غابة الصنوبر، وعبر نهر بيروت. وهذه المسافة يمكن اجتيازها بأقل من نصف ساعة مشيا على الأقدام.
فأكثر السكان الأغنياء كانوا يلجئون إلى القرى الواقعة في سفح الجبل عند أقل بادرة تنبئ بالظلم، أو أقل خبر يسبق هذه النكبات المحزنة. كانوا يمكثون هنالك حتى تهدأ العاصفة، ولا يعودون إلا بعد دفعهم مبلغا من القيمة المفروضة عليهم، أو بحصولهم على كفالة تضمن لهم راحتهم. وقد كان نزوح السكان يحدث جمودا في الأعمال إلى حد أن توشك الصناعة أن تشل وتقف حركتها، ويأخذ البؤس بالانتشار بين سواد الشعب؛ لذلك كانت السلطات تتسابق حينذاك على نيل «صفو خاطر» الباشا ورحمته، فيمنحهما بناء على التوسلات التي تعيده إلى فطرته الخيرة.
وهكذا أثرت بيروت على الرغم من تعنت السلطة وبؤس أساكل سوريا الأخرى، ولا سيما إسكلة عكا.
أما الحروب التي خاضتها الشعوب فيما بينها - في حلب والشام - فسببت عدة مهاجرات إلى بيروت. وجميع الذين اضطرهم الاضطهاد إلى مغادرة منازلهم كانوا يجذبون بالطمأنينة والمنافع التي يوفرها لهم لبنان. كان بوسعهم أن يجنوا نفعا دون أن يضطروا إلى الانقطاع عن مدينة بيروت ومزاولة تجارتهم.
ناپیژندل شوی مخ