209

بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

ژانرونه

لنفكر مليا أن كل ذلك جدي، ولتتنبه إذن فرنسا وأوروبا إلى موقف إنكلترا وخطتها.

إن عدن - الممتلكة الإنكليزية - هي على مسافة ستة أيام من السويس، وهذه الأخيرة على مسافة نهار وليلة من القاهرة. إن خليج عدن هو أفضل الخلجان، فمن يمنع الإنكليز إذن - بحجة الحرب أو حماية أنفسهم من العرب - أن يحشدوا في هذه النقطة من عشرة آلاف إلى اثني عشر ألف رجل، ويجمعوا البواخر وسفن الشحن لينقضوا على ترعة السويس في الوقت المناسب، من الفصل الجميل، بظرف ثمانية أيام على الأكثر، يعاونهم في ذلك أسطول إنكليزي يتألف من عدة بوارج تخرج من مالطة لتقوم بأعمال عدائية أمام الإسكندرية، فتخلق البلبلة والتشويش، وتسفر النتيجة عن استسلام مصر للإنكليز بدون قتال؟

إنه يسهل عليهم القيام بذلك قبل أن تستطيع فرنسا وروسيا والنمسا أن تعوق خطتهم هذه. أما إذا امتلكنا المواقف التي أشرت إليها، فأنشأنا خطا للبواخر، أو موقفا واحدا في البحر الأحمر على شاطئ الحبشة، فإننا نقطع الطريق في وجه الإنكليز الذين لا يجرءون بعد ذلك على المغامرة في قطع بحر القلزم، ناهيك بأن حملة من هذا النوع تكون مستحيلة.

إن موقف الإنكليز في عدن يشكل خطرا قويا وتهديدا كبيرا لمصر؛ إذ يمكن أخذها من الأمام ومن الوراء، وتلك هي الخطة التي اتبعها الإنكليز عام 1800. لقد أنزلوا إلى الشاطئ جيوشا في أبي قير والقصير واضطرونا إلى التسليم، فما علينا - اتقاء لخطر جديد - إلا أن نحتل موقعا في البحر الأحمر.

إن تقدم إنكلترا نحو البحر الأحمر يستحق درسا دقيقا خاصا. وعلينا أن نبدأ بدرس قضية غزوها سيباي في القصير، ومحاولات تمركزها في سوكوتورا، وبريم، وكاماران، وبعثاتها الديبلوماسية في صنعاء، والحبشة؛ تلك البعثات التي قررتها ونفذتها رغما عن نفقاتها الباهظة، والمصارفات الضخمة المخصصة لرسم خريطة البحر الأحمر وجزره وسواحله. ولا ننس إصرار هذه الدولة على انتزاع شاطئ جزيرة بلاد العرب من محمد علي، الذي كان يضايقها ويمكنه أن يهاجمها من الوراء إذا تجرأت وحاولت غزو مصر. أما احتلت عدن، وقوت نفوذها في زيلا وتاجورا، وأحكمت عرى علاقاتها التجارية التي أقامتها بينها وبين كوى والهورر عن طريق بربرة لتحصل منها على المئونة التي أبت أن تقدمها جزيرة بلاد العرب لعدن؟

فهل يظن أن جميع هذه الأعمال وهذه النفقات التي صرفت بصورة متواصلة منذ أربعين سنة قد اتخذت بدون أي هدف؟

إن القضية ليست قضية صرف بعض الآلاف من الفرنكات يشغل بها الرأي العام - كما هي الحالة في فرنسا - لكي يقال فيما بعد: انظروا، إن فرنسا تهتم أيضا بمشكلة البحر الأحمر. لقد أوفدنا رسلا، وأنطنا بجمعية أمر الاهتمام بقضية إنشاء خط تجاري بين السويس وبوربون وإنشاء بيوتات تغزو تجارتها العالم، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ كانت العاقبة تقويض المحل التجاري، وزرع الحذر والريبة بين التجار، وتجديد الحرب الأهلية في الحبشة، وقنوط كل من شرع بعمل مجد هام.

3

لقد شاءت إنكلترا بطريقة جدية الاستقرار عند مصب البحر الأحمر؛ لأنها تدرك أهمية هذا الموقف؛ ولذلك أنفقت الملايين وأنشأت مؤسسات يمكن أن تقدم لها خدمات جلى. لقد احتلت عدم مفتاح البحر الأحمر، وهي اليوم سيدة طريق الهند عن طريق مصر، ولا ينازعها تلك السيادة منازع، فإذا ما تعقدت قضايا الشرق فإنها تنبئ إذ ذاك فرنسا وأوروبا (باحتلالها مصر، وبدون أن يشعروا بذلك في باريس) عن أهمية موقفها في عدن. (18) ملخص

وختاما لهذا العرض الموجز الذي تناول طريق الهند عن طريق البحر الأحمر، والمصالح الأوروبية وإنشاء خط للبواخر بين السويس وبوربون، والمراكز التي يجب أن تحتلها فرنسا، وأخيرا تجارة البحر الأحمر العامة، وتجارة شاطئ أفريقيا، ألخص كلامي السابق لأجعل القضية أكثر وضوحا وإيجازا: (1) إن علاقات أوروبا مع الهند وأوقيانيا والصين وشواطئ أفريقيا الغربية سوف تتبع طريقا جديدة، وسيصبح البحر الأحمر منفذ هذا الممر. (2) إن مصالح الدول الأوروبية - وبوجه خاص مصالح فرنسا - هي واحدة في البحر الأحمر وخليج باب المندب؛ وعليه، فعلى هذه الدول إذن أن توحد قواها لتضعف في هذه النواحي توسعات إنكلترا أو تعادلها. (3) من واجب هذه الدول - متكاتفة أو غير متكاتفة - أن تتشبه بإنكلترا فتحتاط للأمر وتجني نفعا من الفوائد المقبلة التي ستجعلها طريق الهند في متناول البلدان الواقعة على شاطئ المتوسط. (4) أما اليوم فإن طريقة الاستفادة من المستقبل، وهي أساس كل عمل عتيد لتنحصر في إنشاء مؤسسات حول البحر الأحمر وفي خليج باب المندب. (5) يجب على فرنسا أن تكون رأس هذه الرابطة الأوروبية التي وفقت بينها مصالحها، فتحتل المراكز التي أشرنا إليها، وتنشئ خطا بحريا للبواخر بين السويس وبوربون. بحريا (6) إن مركز المواقف وإنشاء خط للبواخر هما الطريقة الوحيدة لإنشاء مؤسسات كبرى تجارية وعسكرية، ثم الاستعمار، وتوطيد النفوذ الفرنسي في جزيرة بلاد العرب، والحبشة وشاطئ أفريقيا، ومدغشقر، والسيطرة، أو على الأقل، اقتسام تجارة هذه النواحي، وفتح أسواق جديدة لفرنسا وتوطيدها بقوة على طريقي الهند. فمن مرسيليا إلى بوربون - عن طريق مصر - يمكن فرنسا أن تنشئ خطا هاما للعمليات الحربية. (7) إن الدول الأوروبية التي هي من طراز أول وثان تقضي عليها مصلحتها بدعم - بل بمساعدة - الدولة التي تأتي لتقف على طرقات الهند معارضة إنكلترا.

ناپیژندل شوی مخ